وجملة{ سَلامٌ على نُوحٍ في العالَمِينَ} إنشاء ثناء الله على نوح وتحية له ومعناه لازم التحية وهو الرضى والتقريب ،وهو نعمة سادسة .وتنوين{ سَلامٌ} للتعظيم ولذلك شاع الابتداء بالنكرة لأنها كالموصوف .
والمراد بالعالمين: الأمم والقرون وهو كناية عن دوام السلام عليه كقوله تعالى:{ وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حياً}[ مريم: 15] في حق عيسى عليه السلام وكقوله:{ سلام على آلْ يَاسينَ}[ الصافات: 130]{ سلام على إبراهيم}[ الصافات: 109] .
وفي{ العالَمِينَ} حال فهو ظرف مستقر أو خبر ثان عن{ سَلامٌ} .
وذهب الكسائي والفراء والمبرد والزمخشري إلى أن قوله:{ سَلامٌ على نوح في العالمين} في محلّ مفعول{ تركنا} ،أي تركنا عليه هذه الكلمة وهي{ سلامٌ على نوححٍ في العالَمِينَ} وهو من الكلام الذي قصدت حكايته كما تقول قرأت{ سورة أنزلناها وفرضناها}[ النور: 1] ،أي جعلنا الناس يسلمون عليه في جميع الأجيال ،فما ذكروه إلا قالوا: عليه السلام .ومثل ذلك قالوا في نظائرها في هذه الآيات المتعاقبة .
وزيد في سَلام نوح في هذه السورة وصْفُه بأنه في العالمين دون السلام على غيره في قصة إبراهيم وموسى وهارون وإلياس للإِشارة إلى أن التنويه بنوح كان سائراً في جميع الأمم لأنهم كلهم ينتمون إليه ويذكرونه ذكر صدق كما قدمناه آنفاً .