جواب عن قوله:{ أن لا تعبدوا إلا الله}[ الأحقاف: 21] ،ولذلك جاء فعل{ قالوا} مفصولاً على طريق المحاورة .
والاستفهام إنكار .والمجيء مستعار للقصد بطلب أمر عظيم ،شبه طروّ الدعوة بعد أن لم يكن يدعو بها بمجيء جاء لم يكن في ذلك المكان .
والأفك بفتح الهمزة: الصرَّف ،وأرادوا به معنى الترك ،أي لنترك عبادة آلهتنا .وهذا الإنكار تعريض بالتكذيب فلذلك فرع عليه{ فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين} فصرحوا بتكذيبه بطريق المفهوم .
والمعنى: ائتنا بالعذاب الذي تَعِدنا به ،أي عذاب اليوم العظيم ،وإنما صرَفوا مراد هود بالعذاب إلى خصوص عذاب الدنيا لأنهم لا يؤمنون بالبعث وبهذا يؤذن قوله بعده{ فلما رأوه عارضاً}[ الأحقاف: 24] وقوله:{ بل هو ما استعجلتم به}[ الأحقاف: 24] .وأرادوا: ائتنا به الآن لأن المقام مقام تكذيب بأن عبادة آلهتهم تجر لهم العذاب .
و{ من الصادقين} أبلغ في الوصف بالصدق من أن يقال: إن كنت صادقاً ،كما تقرر في قوله تعالى:{ وكان من الكافرين} في سورة البقرة ( 34 ) ،أي إن كنت في قولك هذا من الذين صدَقوا ،أي فإن لم تأت به فما أنت بصادق فيه .