إن جملة{ لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد} يجوز أن تكون من بقية ما يقال للمتقين ابتداء من قوله:{ هذا ما توعدون لكل أوّاب حفيظ} فيكون ضمير الغيبة التفاتاً وأصله: لكم ما تشاؤون .ويجوز أن تكون مما خوطب به الفريقان في الدنيا وعلى الاحتمالين فهي مستأنفة استئنافاً بيانياً .
و{ لدينا مزيد} ،أي زيادة على ما يشاؤون مما لم يخطرُ ببالهم ،وذلك زيادة في كرامتهم عند الله ووردت آثار متفاوتة القوة أن من المزيد مفاجأتهم بخيرات ،وفيها دلالة على أن المفاجأة بالإنعام ضرب من التلطف والإكرام ،وأيضاً فإن الأنعام يجيئهم في صور معجبة .
والقول في{ مزيد} هنا كالقول في نظيره السابق آنفاً .
وجاء ترتيب الآيات في منتهى الدقة فبدأت بذكر إكرامهم بقوله:{ وأزلفت الجنة للمتقين} ،ثم بذكر أن الجنة جزاؤهم الذي وعدوا به فهي حق لهم ،ثم أوْمَأت إلى أن ذلك لأجل أعمالهم بقوله:{ لكل أوّاب حفيظ مَن خشي الرحمان} الخ ،ثم ذكرت المبالغة في إكرامهم بعد ذلك كله بقوله:{ ادخلوها بسلام} ،ثم طمْأنهم بأن ذلك نعيم خالد ،وزِيد في إكرامهم بأن لهم ما يشاؤون ما لم يروه حين الدخول ،وبأن الله عدهم بالمزيد من لدنه .