حال من ضمير{ كلوا واشربوا}[ الطور: 19] ،أي يقال لهم كلوا واشربوا حال كونهم متكئين ،أي وهم في حال إكلة أهل الترف المعهود في الدنيا ،فقد كان أهل الرفاهية يأكلون متكئين وقد وصف القرآن ذلك في سورة يوسف ( 31 ) بقوله:{ أرسلت إليهن وأعتدت لهن متكئاً وءاتت كل واحدة منهن سكيناً} أي لَحز الطعام والثمار .وفي الحديث «أمَّا أنا فلا آكل متكئاً» وكان الأكاسرة ومرازبة الفُرس يأكلون متكئين وكذلك كان أَباطرة الرومان وكذلك شأنهم في شُرب الخمر ،قال الأعشى:
نَازَعْتهُم قُضب الريحان متكئاً *** وخمرةً مُزة رَاوُوقها خضل
والسَّرر: جمع سرير ،وهو ما يُضطجع عليه .
والمصفوفة: المتقابلة ،والمعنى: أنهم يأكلون متكئين مجتمعين للتأنس كقوله تعالى:{ على سرر متقابلين}[ الصافات: 44] .
وجملة{ وزوجناهم} عطف على{ متكئين} فهي في موضع الحال .
ومعنى{ زوجناهم}: جعلنا كل فرد منهم زوجاً ،أي غير مفرد ،أي قرنَّاهم بنساء حُور عيننٍ .والباء للمصاحبة ،أي جعلنا حُوراً عِيناً معهم ،ولم يُعد فعل{ زوجناهم} إلى{ حور} بنفسه على المفعولية كما في قوله تعالى:{ زوجناكها}[ الأحزاب: 37] ،لأن ( زوجنا ) في هذه الآية ليس بمعنى: أنكحناهم ،إذ ليس المراد عقد النكاح لنُبوّ المراد عن هذا المعنى ،فالتزويج هنا وارد بمعناه الحقيقي في اللغة وهو جعل الشيء المفرد زوجاً وَليس وارداً بمعناه المنقول عنه في العرف والشرع ،وليس الباء لتعدية فعل{ زوجناهم} بتضمينه معنى: قرنَّا ،ولا هو على لغة أزد شنوة فإنه لم يسمع في فصيح الكلام: تزوج بامرأة .
وحور: صفة لنساء المؤمنين في الجنة ،وهنّ النساء اللاتي كنّ أزواجاً لهم في الدنيا إن كنّ مؤمنات ومن يخلقهن الله في الجنة لنعمة الجنة وحكم نساء المؤمنين اللاتي هن مؤمنات ولم يكن في العمل الصالح مثل أزواجهن في لحاقهن بأزواجهن في الدرجات في الجنة تقدم عند قوله تعالى:{ ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون} في سورة الزخرف ( 70 ) وما يقال فيهن يقال في الرجال من أزواج النساء الصالحات .
و{ عين} صفة ثانية ،وحقها أن تعطف ولكن كثر ترك العطف .