وجملة{ تلك إذا قسمة ضيزى} تعليل للإنكار والتهكم المفاد من الاستفهام في{ ألكم الذكر وله الأنثى} ،أي قد جرتُم في القسمة وما عدلتم فأنتم أحقاء بالإِنكار .
والإِشارة ب{ تلك} إلى المذكور باعتبار الإِخبار عنه بلفظ{ قسمة} فإنه مؤنث اللفظ .
و{ إذن} حرف جواب أريد به جواب الاستفهام الإِنكاري ،أي ترتب على ما زعمتم أن ذلك قسمة ضِيزى ،أي قسمتم قسمة جائرة .
و{ ضيزى}: وزنه فُعْلى بضم الفاء من ضازة حَقَّه ،إذا نقصه ،وأصل عين ضاز همزة ،يقال: ضَأَزه حقه كمنعه ثم كثر في كلامهم تخفيف الهمزة فقالوا: ضَازهُ بالألف .ويجوز في مضارعه أن يكون يائي العين أو واويها قال الكسائي: يجوز ضَاز يضِيز ،وضَاز يضُوز .وكأنه يريد أن لك الخيار في المهموز العين إذا خفف أن تُلحقه بالواو أو الياء ،لكن الأكثر في كلامهم اعتبار العين ياء فقالوا: ضَازه حقه ضَيْزاً ولم يقولوا ضَوْزاً لأن الضوز لوك التمر في الفم ،فأرادوا التفرقة بين المصدرين ،وهذا من محاسن الاستعمال وعن المؤرّج السَّدُوسي كرهوا ضم الضاد في ضوزى فقالوا: ضيزى .كأنه يريد استثقلوا ضم الضاد ،أي في أول الكلمة مع أن لهم مندوحة عنه بالزنة الأخرى .
ووزن{ ضيزى}: فُعْلى اسم تفضيل{مثل كُبْرى وطُوبى} أي شديدة الضيز فلما وقعت الياء الساكنة بعد الضمة حرّكوه بالكسر محافظة على الياء لئلا يقلبوها واواً فتصير ضوزى وهو ما كرهوه كما قال المؤرج .وهذا كما فعلوا في بيض جمع أبيض ولو اعتبروه تفضيلاً من ضاز يضوز لقالوا: ضُوزى ولكنهم أهملوه .
وقيل: وزن{ ضِيزى} فِعلى بكسر الفاء على أنه اسم مثل دِفلى وشِعْرى ،ويبعِّد هذا أنه مشتق فهو بالوصفية أجدر .قال سيبويه: لا يوجد فِعلَى بكسر الفاء في الصفات ،أو على أنه مصدر مثل ذِكرى وعلى الوجهين كسرته أصلية .
وقرأ الجمهور{ ضيزى} بياء ساكنة بعد الضاد .وقرأه ابن كثير بهمزة ساكنة بعد الضاد مراعاة لأصل الفعل كما تقدم آنفاً .وهذا وسم لهم بالجور زيادة على الكفر لأن التفكير في الجور كفعله فإن تخيلات الإِنسان ومعتقداته عنوان على أفكاره وتصرفاته .