وجملة{ ألكم الذكر وله الأنثى} ارتقاء في الإِبطال والتهكم والتسفيه كما تقدم ،وهي مجاراة لاعتقادهم أن تلك الأصنام الثلاثة بنات الله وأن الملائكة بنات الله ،أي أجعلتم لله البنات خاصة وأنتم تعلمون أن لكم أولاداً ذكوراً وإناثاً وأنكم تفضلون الذكور وتكرهون الإِناث وقد خصصتم الله بالإِناث دون الذكور والله أولَى بالفضل والكماللِ لو كنتم تعلمون فكان في هذا زيادة تشنيع لكفرهم إذ كان كفراً وسخافة عقل .
وكون العزَّى ومناة عندهم انثتين ظاهر من صيغة اسميهما ،وأما اللات فبقطع النظر عن اعتبار التاء في الاسم علامة تأثيث أو أصلاً من الكلمة فهم كانوا يتوهمون اللات أنثى ،ولذلك قال أبو بكر رضي الله عنه لعُروة بن مسعود الثقفي يوم الحُديبية « امصُصْ أو اعضُضْ بَظْرَ اللات » .
وتقديم المجرورين في{ ألكم الذكر وله الأنثى} للاهتمام بالاختصاص الذي أفادته اللام اهتماماً في مقام التهكم والتسفيه على أن في تقديم{ وله الأنثى} « إفادة الاختصاص » أي دون الذكر .