وقوله ( أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأنْثَى ) يقول:أتزعمون أن لكم الذكر الذي ترضونه, ولله الأنثى التي لا ترضونها لأنفسكم ( تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى ) يقول جلّ ثناؤه:قسمتكم هذه قسمة جائرة غير مستوية, ناقصة غير تامة, لأنكم جعلتم لربكم من الولد ما تكرهون لأنفسكم, وآثرتم أنفسكم بما ترضونه, والعرب تقول:ضزته حقه بكسر الضاد, وضزته بضمها فأنا أضيزه وأضوزه, وذلك إذا نقصته حقه ومنعته وحُدثت عن معمر بن المثنى قال:أنشدني الأخفش:
فـإنْ تَنْـأَ عَنَّـا نَنْتَقصْـكَ وَإنْ تَغِـبْ
فَسَــهْمُكَ مَضْئُـوزٌ وأنْفُـك رَاغِـمُ (5)
ومن العرب من يقول:ضَيْزى بفتح الضاد وترك الهمز فيها; ومنهم من يقول:ضأزى بالفتح والهمز, وضُؤزى بالضم والهمز, ولم يقرأ أحد بشيء من هذه اللغات. وأما الضيِّزى بالكسر فإنها فُعلى بضم الفاء, وإنما كُسرت الضاد منها كما كسرت من قولهم:قوم بيض وعين, وهي "فُعْل "لأن واحدها:بيضاء وعيناء ليؤلفوا بين الجمع والاثنين والواحد, وكذلك كرهوا ضمّ الضاد من ضِيزَى, فتقول:ضُوزَى, مخافة أن تصير بالواو وهي من الياء. وقال الفرّاء:إنما قضيت على أوّلها بالضمّ, لأن النعوت للمؤنث تأتي إما بفتح, وإما بضمّ; فالمفتوح:سكْرَى وعطشى; والمضموم:الأنثى والحُبلى; فإذا كان اسما ليس بنعت كسر أوّله, كقولهوَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَكسر أوّلها, لأنها اسم ليس بنعت, وكذلك الشِّعْرَى كسر أوّلها, لأنها اسم ليس بنعت.
------------------
الهوامش:
(5) رواية البيت في "اللسان ، ضأز ":"وإن تقم "في مكان "وإن تغب ". قال:ابن الأعرابي تقول العرب:قسمة ضؤزى بالضم والهمز ؛ وضوزى ، بالضم بلا همز ؛ وضئزي ، بالكسر والهمز ؛ وضيزي ، بالكسر ، وترك الهمز ؛ قال:ومعناها كلها الجور . وفي ( اللسان:ضيز ):ضاز في الحكم:أي جار . وضازه حقه يضيزه ضيزا:نقصه وبخسه ومنعه . وضزت فلانا أضيزه ضيزا:جرت عليه . وضاز يضيز:إذا جار . وقد يهمز فيقال:ضأزه يضأزه ضأزا.
وفي التنزيل العزيز:( تلك إذا قسمة ضيزى ) ، وقسمة ضيزى وضوزى أي جائرة . وقد نقل المؤلف كلام الفراء بتمامه في معاني القرآن ( الورقة 316 ) ، فنكتفي بالإشارة إليه . ولخص القرطبي كلام النحويين في ضيزى تلخيصا حسنًا في ( 17:103 ) فراجعه ثمة .