ناداهم بوصف الإِيمان تعريضاً بأن الإِيمان من شأنه أن يزع المؤمن عن أن يخالف فعلُه قولَه في الوعد بالخير .
واللام لتعليل المستفهم عنه وهو الشيء المبْهم الذي هو مدلول{ ما} الاستفهامية لأنها تدل على أمر مبهم يطلب تعيينه .
والتقدير: تقولون مَا لاَ تفعلون لأي سبب أو لأية علّة .
وتتعلق اللام بفعل{ تقولون} المجرور مع حرف الجر لصدارة الاستفهام .
والاستفهام عن العلة مستعمل هنا في إنكار أن يكون سبب ذلك مرضياً لله تعالى ،أي أن ما يدعوهم إلى ذلك هو أمر منكر وذلك كناية عن اللوم والتحذير من ذلك كما في قوله تعالى:{ قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل} في سورة البقرة ( 91 ) .فيجوز أن يكون القول الذي قالوه وعداً وعَدوه ولم يفوا به .ويجوز أن يكون خبراً أخبروا به عن أنفسهم لم يطابق الواقع .وقد مضى استيفاء ذلك في الكلام على صدر السورة .
وهذا كناية عن تحذيرهم من الوقوع في مثل ما فعلوه يوم أحد بطريق الرمز ،وكناية عن اللوم على ما فعلوه يوم أحد بطريق التلويح .
وتعقيب الآية بقوله:{ إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً}[ الصف: 4] الخ .يؤذن بأن اللوم على وعد يتعلق بالجهاد في سبيل الله .وبذلك يلتئم معنى الآية مع حديث الترمذي في سبب النزول وتندحض روايات أخرى رويت في سبب نزولها ذكرها في « الكشاف » .
وفيه تعريض بالمنافقين إذ يظهرون الإِيمان بأقوالهم وهم لا يعملون أعمال أهل الإِيمان بالقلب ولا بالجسد .قال ابن زيد: هو قول المنافقين للمؤمنين نحن منكم ومعكم ثم يظهر من أفعالهم خلاف ذلك .