سبب النّزول:
ذكر المفسّرون أسباباً عديدة لنزول الآية الشريفة:{لِمَ تقولون ما لا تفعلون} بتفاوت يسير فيما ذكروه ،وممّا جاء في أقوالهم ما يلي:
1أنّ الآية الكريمة نزلت في جماعة من المؤمنين كانوا يقولون: إذا لقينا العدوّ لن نفرّ ولن نرجع عنهم ،إلاّ أنّهم لم يفوا بما قالوا يوم «اُحد » حتّى شجّ وجه الرّسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وكسرت رباعيته المباركة .
2بعد بيان البارئ عزّ وجلّ الثواب العظيم لشهداء بدر ،قال بعض الصحابة: ما دام الأجر هكذا فإنّنا سوف لن نفرّ في الغزوات المقبلة ،إلاّ أنّهم فرّوا في غزوة اُحد ،فنزلت الآية أعلاه موبّخة لهم .
3دعا بعض المؤمنين قبل نزول حكم الجهاد أن يرشدهم الله إلى أفضل الأعمال ليعملوا بها ولم يمض وقت طويل حتّى أخبرهم الله سبحانه بأنّ ( أفضل الأعمال الإيمان الخالص والجهاد في سبيله ) إلاّ أنّهم لم يتفاعلوا مع هذا التوجيه ،وتعلّلوا فنزلت الآية تلومهم وتوبّخهم على موقفهم هذا{[5262]} .
التفسير:
ثمّ يضيف البارئ عزّ وجلّ في معرض لوم وتوبيخ للأشخاص الذين لم يلتزموا بأقوالهم:{يا أيّها الذين آمنوا لِمَ تقولون ما لا تفعلون}{[5263]} .
وعلى الرغم من أنّ سبب نزول الآية كما مرّ بنا كان متعلّقاً بالجهاد في سبيل الله ،وما حدث من فرار في غزوة اُحد ،ولكن يستفاد من الآية سعة المفهوم الذي تعرّضت له ،وبهذا تستوعب كلّ قول لا يقترن بعمل ويستحقّ اللوم والتوبيخ ،سواء يتعلّق بالثبات في ميدان الجهاد أو أي عمل إيجابي آخر .
وذهب بعض المفسّرين إلى أنّ المخاطب في هذه الآيات هم المتظاهرون بالإيمان والمنافقون ،مع أنّ الخطاب في هذه الآية موجّه إلى الذين آمنوا ،كما أنّ تعبيرات الآيات اللاحقة تبيّن لنا أنّ المخاطب بذلك هم المؤمنون ،ولكنّهم لم يصلوا بعد إلى الإيمان الكامل وأعمالهم غير منسجمة مع أقوالهم .
/خ4