و{ كذبوا} عطف على{ لا يرجون} ،أي وإنهم كذبوا بآياتنا ،أي بآيات القرآن .
والمعنى: كذبوا ما اشتملت عليه الآيات من إثبات الوحدانية ،ورسالة محمد صلى الله عليه وسلم
ولكون تكذيبهم بذلك قد استقر في نفوسهم ولم يترددوا فيه جيء في جانبه بالفعل الماضي لأنهم قالوا:{ قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب}[ فصلت: 5] .
وكِذَّاب: بكسر الكاف وتشديد الذال مصدر كذَّب .والفِعَّال بكسر أوله وتشديد عينه مصدر فعَّل مثل التفعيل ،ونظائره: القِصَّار مصدر قَصَّر ،والقِضَّاء مصدر قَضَّى ،والخِرَّاق مصدر خَرَّق المضاعف ،والفِسَّار مصدر فَسَّر .
وعن الفراء أن أصل هذا المصدر من اللغة اليمنية ،يريد: وتكلم به العرب ،فقد أنشدوا لبعض بني كلاب:
لقد طال ما ثبّطَتني عن صحابتي *** وعن حِوجَ قِضَّاؤُها مِن شفائيا
وأُوثر هذا المصدر هنا دون تكذيب لمراعاة التماثل في فَواصل هذه السورة ،فإنها على نحو ألف التأسيس في القوافي ،والفواصل كالأسجاع ويحسن في الأسجاع ما يحسن في القوافي .
وفي « الكشاف »: وفِعَّالُ فَعَّل كلِّه فاش في كلام فصحاء من العرب لا يقولون غيره .
وانتصب{ كذاباً} على أنه مفعول مطلق مؤكد لعامله لإِفادة شدة تكذيبهم بالآيات .