جرى هذا الانتقال على عادة القرآن في تعقيب الإِنذار للمنذَرين بتبشير من هم أهل للتبشير .
فانتقل من ترهيب الكافرين بما سيلاقونه إلى ترغيب المتقين فيما أُعدَّ لهم في الآخرة من كرامة ومن سلامة مما وقع فيه أهل الشرك .
فالجملة متصلة بجملة{ إن جهنّم كانت مرصاداً للطاغين مئاباً}[ النبأ: 21 22] وهي مستأنفة استئنافاً ابتدائياً بمناسبة مُقتضِي الانتقال .
وافتتاحها بحرف{ إنَّ} للدلالة على الاهتمام بالخبر لئلا يشك فيه أحد .
والمقصود من المتقين المؤمنون الذين آمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم واتبعوا ما أمرهم به واجتنبوا ما نهاهم عنه لأنهم المقصود من مقابلتهم بالطاغين المشركين .
والمفاز: مكان الفوز وهو الظفَر بالخير ونيل المطلوب .ويجوز أن يكون مصدراً ميمياً بمعنى الفوز ،وتنوينُه للتعظيم .
وتقديم خبر{ إن} على اسمها للاهتمام به تنويهاً بالمتقين .
والمراد بالمفاز: الجنة ونعيمها .وأوثرت كلمة{ مفازاً} على كلمة: الجنة ،لأن في اشتقاقه إثارة الندامة في نفوس المخاطبين بقوله:{ فتأتون أفواجاً}[ النبأ: 18] وبقوله:{ فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذاباً}[ النبأ: 30] .