وجملة:{ ثم إذا شاء أنشره} رجوع إلى إثبات البعث وهي كالنتيجة عقب الاستدلال .ووقع قوله:{ إذا شاء} معترضاً بين جملة{ أماته} وجملة:{ أنشره} لرد توهم المشركين أن عدم التعجيل بالبعث دليل على انتفاء وقوعه في المستقبل و ( إذا ) ظرف للمستقبل ففعل المضي بعدها مؤول بالمستقبل .
والمعنى: ثم حين يشاء ينشره ،أي ينشره حين تتعلق مشيئته بإنشاره .
و{ أنشره} بعثه من الأرض وأصل النشر إخراج الشيء المخبأ يقال: نشر الثوب ،إذ أزال طيّه ،ونشر الصحيفة ،إذا فَتحها ليقرأها .ومنه الحديث: «فنشروا التوراة» .
وأما الإِنشار بالهمز فهو خاص بإخراج الميت من الأرض حيّاً وهو البعث ،فيجوز أن يقال: نُشِر الميت ،والعَرب لم يكونوا يعتقدون إحياء الأموات إلا أن يكونوا قد قالوه في تخيلاتهم التوهمية .فيكون منه قول الأعشى:
حتى يقول الناس ممّا رأوا *** يا عَجَباً للْمَيِّتِ النَّاشِر
ولذلك قال الله تعالى:{ ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين}[ هود: 7] .
وفي قوله:{ إذا شاء} ردّ لشبهتهم إذ كانوا يطلبون تعجيل البعث تحدياً وتهكماً ليجعلوا عدم الاستجابة بتعجيله دليلاً على أنه لا يكون ،فأعلمهم الله أنه يقع عندما يشاء الله وقوعه لا في الوقت الذي يسألونه لأنه موكول إلى حكمة الله ،واستفادة إبطال قولهم من طريق الكناية .