والفاكهة: الثمار التي تؤكل للتفكه لا للإقتيات ،مثل الرُّطَب والعِنب الرَّطْب والرمان واللوز .
والأبُّ: بفتح الهمزة وتشديد الباء: الكلأ الذي ترعاه الأنعام ،روي أن أبا بكر الصديق سُئل عن الأبّ: ما هو ؟فقال: « أيُّ سماءٍ تُظلني ،وأيُّ أرض تُقِلَّني إذا قلت في كتاب الله ما لا علم لي به » وروي أن عمر بن الخطاب قرأ يوماً على المنبر:{ فأنبتنا فيها حباً} إلى{ وأبّاً} فقال: كلّ هذا قد عرفناه فما الأبّ ؟ثم رفع عصا كانت في يده ،وقال: هذا لعمر الله هو التكلف فما عليك يا ابن أمّ عمر أن لا تدري ما الأبّ ابتغوا ما بُيّن لكم من هذا الكتاب فاعملوا به ،وما لم تعرفوه فَكِلوه إلى ربه » .وفي « صحيح البخاري » عن عُمر بعض هذا مختصراً .
والذي يظهر لي في انتفاء علم الصديق والفاروق بمدلول الأبّ وهما من خُلّص العرببِ لأحد سببين:
إما لأن هذا اللفظ كان قد تنوسي من استعمالهم فأحياه القرآن لرعاية الفاصلة فإن الكلمة قد تشتهر في بعض القبائل أو في بعض الأزمان وتُنسى في بعضها مثل اسم السِّكين عندَ الأوس والخزرج ،فقد قال أنس بن مالك: « ما كُنَّا نَقول إلا المُدْية حتى سمعت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر أن سليمان عليه السلام قال: "ائيتوني بالسكين أقْسِمْ الطفْلَ بينهما نصفين".
وإما لأن كلمة الأبّ تطلق على أشياء كثيرة منها النبت الذي ترعاه الأنعام ،ومنها التبن ،ومنها يابس الفاكهة ،فكان إمساك أبي بكر وعمر عن بيان معناه لعدم الجزم بما أراد الله منه على التعيين ،وهل الأبّ مما يرجع إلى قوله:{ متاعاً لكم} أو إلى قوله:{ ولأنعامكم} في جمْع ما قُسِّم قبله .
وذكر في « الكشاف » وجهاً آخر خاصاً بكلام عُمر فقال: «إن القوم كانتْ أكبر همتهم عاكفة على العمل ،وكان التشاغل بشيء من العلم لا يُعمل به تكلفاً عندهم ،فأراد عمر أن الآية مسوقة في الامتنان على الإِنسان .وقد علم من فحوى الآية أنّ الأبَّ بعض ما أنبته الله للإِنسان متاعاً له ولأنعامه فعليك بما هو أهم من النهوض بالشكر لله على ما تبين لك مما عُدد من نعمه ولا تتشاغل عنه بطلب معنى الأبّ ومعرفة النبات الخاص الذي هو اسم له واكتف بالمعرفة الجملية إلى أن يتبين لك في غير هذا الوقت ،ثم وصى الناس بأن يَجروا على هذا السَنن فيما أشبه ذلك من مشكلات القرآن ا ه » .ولم يأت كلام « الكشاف » بأزيد من تقرير الإِشكال .