فتأمل جلالة المبشر ومنزلته وصدقه ، وعظمته وعظمة من أرسله إليك بهذه البشارة ، وقدر ما بشرك به ، وضمنه لك ، على أسهل شيء عليك وأيسره ، وجمع سبحانه في هذه البشارة بين نعيم البدن بالجنات ، وما فيها من الأنهار والثمار ، ونعيم النفس بالأزواج المطهرة ، ونعيم القلب وقرة العين بمعرفة دوام هذا العيش أبد الآباد ، وعدم انقطاعه .
والأزواج:جمع «زوج » . والمرأة زوج للرجل ، وهو زوجها هذا هو الأفصح وهو لغة قريش . وبها نزل القرآن كقوله:{ اسكن أنت وزوجك الجنة} [ البقرة:35] ومن العرب من يقول:زوجة ، وهو نادر ، لا يكادون يقولونه .
وأما «المطهرة »:فإن جرت صفة على الواحد ، فيجرى صفة على جمع التكثير إجراء له مجرى جماعة ، كقوله تعالى:{ مساكن طيبة} [ الصف:12] وقولهم:وقوًى ظاهرة ، ونظائره .
و«المطهرة »:من طهرت من الحيض والبول والنفاس والغائط والمخاط والبصاق وكل قذر ، وكل أذى يكون من نساء الدنيا ، فظهر مع ذلك باطنها من الأخلاق السيئة ، والصفات المذمومة ، وطهر لسانها من الفحش والبذاء ، وطهر طرفها من أن تطمح به إلى غير زوجها ، وطهرت أثوابها من أن يعرض لها دنس أو وسخ . قال عبد الله بن المبارك:ثنا شعبة عن قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد رضي الله عليه عن النبي صلى الله عليه وسلم{ لهم فيها أزواج مطهرة} من القذر ، وقال «من الحيض والغائط والنخامة والبصاق » ، وقال عبد الله بن مسعود ، وعبد الله بن عباس رضي الله عليه «مطهرة:لا يحضن ولا يحدثن ولا يتنجسن » ، وقال ابن عباس أيضا:«مطهرة من القذر والأذى ، لا يبلن ، ولا يتغوطن ، ولا يمذين ، ولا يمنين ، ولا يحضن ، ولا يبصقن ، ولا يتنخمن ولا يلدن » .
وقال قتادة:«مطهرة من الإثم والأذى ، طهرهن الله سبحانه من كل بول وغائط وقذر ومأثم » ، وقال عبد الرحمن بن زيد:«المطهرة:التي لا تحيض ، وأزواج الدنيا لسن بمطهرات ، ألا تراهن يدمين ، ويتركن الصلاة والصيام ؟ قال:وكذلك خلقت حواء ، حتى عصت ، فلما عصت قال الله لها:إني خلقتك ، مطهرة وسأدميك كما دميت هذه الشجرة » .