قوله عز وجل:{ يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حُرُم} فيه ثلاثة أقاويلأحدها:يعني الإحرام بحج أو عمرة قاله الأكثرون ، والثاني:بالمحرم الداخل إلى الحرم ، يقال أحرم إذا دخل الحرم ، ( وأتهم إذا دخل تهامة ، وأنجد إذا دخل نجدا ، ويقال أحرم لمن دخل في الأشهر الحرم قاله بعض أهل البصرة ، والثالث:أنّ اسم المحرم يتناول الأمرين معاً على وجه الحقيقة دون المجاز من أحرم بحج أو عمرة أو دخل المحرّم ) وحكم قتل الصيد فيهما على [ حد] سواء بظاهر الآية قاله أبو علي بن أبي هريرة .
{ ومن قتله منكم متعمدا} فيه قولان:أحدهما:متعمدا لقتله ناسياً لإحرامه قال مجاهد وإبراهيم وابن جريج ، والثاني:متعمدا لقتله ذاكراً لإحرامه قاله ابن عباس وعطاء والزهري واختلفوا في الخاطئ في قتله الناسي لإحرامه على قولين:أحدهما:لا جزاء عليه قاله داود ، والثاني:عليه الجزاء قاله [ مالك و] أبو حنيفة والشافعي .
{ فجزاء مثل ما قتل من النعم} يعني أنّ جزاء القتل في الحرم أو الإحرام مثل ما قتل من النعم ، وفي مثله قولان:أحدهما:أن قيمة الصيد مصروفة في مثله من النعم قاله أبو حنيفةوالثاني:أن عليه مثل الصيد من النعم في الصورة والشبه قاله الشافعي .
{ يحكم به ذوا عدل منكم} يعني بالمثل من النعم لا يستقر المثل فيه إلا بحكم عدلين فقيهين ، ويجوز أن يكون القاتل أحدهما{ هديا بالغ الكعبة} يريد أي مثل الصيد من النعم يلزمه إيصاله إلى الكعبة وعني بالكعبة جميع الحرم لأنها في الحرم ، واختلفوا هل يجوز أن يهدي في الجزاء ما لا يجوز في الأضحية من صغار الغنم على قولين:أحدهما:لا يجوز قاله أبو حنيفة ، والثاني:يجوز قاله الشافعي .
{ أو كفارة طعام مساكين} فيه قولان:أحدهما:أنه يُقَوَّم المثل من النعم ويشتري بالقيمة طعاماً قاله عطاء والشافعي ، والثاني:يُقوَّم الصيد ويشتري بقيمة الصيد طعاماً قاله قتادة وأبو حنيفة .
{ أو عدَّل ذلك صياما} يعني عدل الطعام صياماً ، وفيه ثلاثة أقاويل:أحدها:أنه يصوم عن كل مد يوماً قاله عطاء والشافعي ، والثاني:يصوم عن كل مد ثلاثة أيام [ إلى عشرة أيام] قاله سعيد بن جبيروالثالث:يصوم عن كل صاع يومين قاله ابن عباس . واختلفوا في التكفير بهذه الثلاثة هل هو على الترتيب أو التخيير على قولين:أحدهما:أنه على الترتيب إن لم يجد المثل فالإطعام فإن لم يجد الطعام فالصيام قاله ابن عباس ومجاهد وعامر وإبراهيم والسدي ، والثاني:أنه على التخيير في التكفير بأي الثلاثة شاء قاله عطاء وأحد قولي ابن عباس وهو مذهب الشافعي .
{ ليذوق وبال أمره} يعني في التزام الكفارة ووجوب التوبة{ عفا الله عما سلف} يعني قبل نزول التحريم .
{ ومن عاد فينتقم الله منه} فيه قولان:أحدهما:يعني ومن عاد بعد التحريم فينتقم الله منه بالجزاء عاجلا وعقوبة [ المعصية] آجلاً ، والثاني:ومن عاد بعد التحريم في قتل الصيد ثانية بعد أوله .
{ فينتقم الله منه} ' فيه على هذا التأويل قولان ، أحدهما:فينتقم الله منه ' بالعقوبة في الآخرة دون الجزاء قاله ابن عباس وداود ، والثاني بالجزاء مع العقوبة قاله الشافعي والجمهور .