/م11
{ قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَّدْحُورًا} يقال ذأم المتاع ( من باب فتح ) وذامه بالتخفيف يذيمه ذيما وذاما ( بالقلب ) إذا عابه وذمه .ويقال دحر الجند العدو إن طرده وأبعده فهو بمعنى اللعن وبذلك ورد التفسير المأثور للفظين ، والأمر الأول بالخروج قد ذكر لبيان سببه وهذا لبيان صفته ، والمعنى اخرج من الجنة أو المنزلة التي أنت فيها حال كونك معيبا مذموما من الله وملائكته مطرودا من جنته ، فهو بمعنى لعنه وجعله رجيما في آيات أخرى
{ لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِين} جهنم اسم من أسماء دار الجزاء على الكفر والفسوق والعصيان .أخبر تعالى خبرا مؤكدا بالقسم بأن من يتبع إبليس من ذرية آدم فيما يزينه له من الكفر والشرك والفجور والفسق فإن جزاءهم أن يكونوا معه أهل دار العذاب يملؤها منهم أجمعين ، وفي آخر سورة ص{ لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين} ( ص 85 ) ويدخل في خطابه أعوانه في الإغواء من ذريته .والنصوص فيهم كثيرة .وقوله"منهم "بدل على أن الملء يكون من بعضهم وإلا قيل:لأملأن جهنم بكم .وذلك أن بعض من يتبعه من المؤمنين الموحدين في بعض المعاصي يغفر الله لهم ويعفو عنهم .
وفي سورتي الحجر وص استثناء عباد الله المخلصين من إغوائه لعنه الله حكاية عنه وهو مقابل الأكثر هنا .وأكد سبحانه ذلك في سورة الحجر بقوله:{ إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين} ( الحجر 42 ) ونحوه في سورة ( الإسراء 65 ) وفي سورة إبراهيم عليه السلام ما يفيد أنه ليس له سلطان على أحد ، وإنما هو داعية شر وما تبعه من تبعه إلا مختارا مرجحا للباطل على الحق وللشر على الخير ، فقد قال في سياق تخاصم أهل النار يوم القيامة من المستكبرين المضلين والضعفاء الذين اتبعوهم في ضلاهم{ وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي} ( إبراهيم 25 ) وسيأتي فائدة التذكير بهذا عند تفسير الآيات الآتية في نصح بني آدم وتحذيرهم من طاعة الشيطان .
وقد استشكل بعض المفسرين ولاسيما المتكلمين منهم خطاب الرب سبحانه للشيطان في هذا التحاور الطويل واختلفوا فيه هل هو خطاب بواسطة الملائكة كالوحي لرسل البشر أم بغير واسطة وكيف وهو يقتضي التكريم ؟ وتحكموا في الجواب حتى قال بعضهم إن الشيطان كان يطلع على اللوح المحفوظ فيعلم مراد الله في جواب أسئلته واستشكلوا أمر الله تعالى إياه بإغواء البشر وإضلالهم المبين في سورة الإسراء بقوله سبحانه:{ واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك} ( الإسراء 64 ) الآية مع قوله تعالى:{ إن الله لا يأمر بالفحشاء} ( الأعراف 28 ) وإنما يشكل هذا كله على ما جروا عليه من جعل الخطاب للتكليف .
وأما إذا جعل الخطاب للتكوين كما صرح به ابن كثير فلا إشكال لأنه عبارة عن بيان الواقع من صفة البشر وطبيعة الشيطان واستعدادهما وأعمالهما الاختيارية .وللأشعرية والمعتزلة فيها جدل طويل ، فالأولون يثبتون الإغواء والإضلال لله تعالى وينفقون رعاية الرب لمصالح العباد في كل من دينهم ودنياهم ويجعلون الإنسان مجبورا في صورة مختار ، والآخرون يخالفونهم .فندع أمثال هذه المباحث الجدلية لابني نجدتها الرازي والزمخشري ، ونختم تفسير هذه الآيات ببيان حكمة الله تعالى في خلق إبليس وذريته الشياطين ، وكشف شبهة المستشكلين له ولخلق الإنسان مستعدا لقبول إغوائه فإنها مما يحتاج إليه هنا حتى على القول بأن السياق كله لبيان حقيقة التكوين .
حكمة خلق الله الخلق واستعداد الشيطان والبشر للشر
اعلم أن الحكمة العليا لخلق جميع المخلوقات هي أن يتجلى بها الرب الخالق لها لما هو متصف له من صفات الكمال ليعرف ويعبد ، ويشكر ويحمد ، ويحكم ويجزي فيعدل ، ويغفر ويعفو ويرحم ، إلخ فهي مظهر أسمائه وصفاته ، ومجلى سننه وآياته وترجمان حمده وشكره{ وإن من شيء إلا يسبح بحمده} ( الإسراء 44 ) لذلك كانت في غاية الإحكام والنظام الدالين على العلم والحكمة والمشيئة والاختيار ، ووحدانية الذات والصفات والأفعال ،{ صنع الله الذي أتقن كل شيء} ( النمل 77 ){ الذي أحسن كل شيء خلقه} ( السجدة 7 ) كما نطق القرآن .
الخير كله بيديه ، والشر ليس إليه ، كما ورد في الحديث .بل ليس في خلقه ما هو شر محض في نفسه ، وإنما الشر أمر اعتباري مداره على ما يؤلم الأحياء أو تفوت به مصلحة أو منفعة على أحد منهم فيكون شرا له إن لم يترتب على ذلك منفعة أعظم أو دفع مفسدة أكبر ، فإن الإنسان قد يتألم من الدواء الذي يزيل مرضه الذي هو أشد أو أطول إيلاما منه ، وقد تفوته منفعة صغيرة يكون فوقها سببا لمنفعة أكبر منها ، كالذي يبذل ماله في المصلحة العامة لملته ووطنه فيكرم ويكون قدوة في الخير ، وحظه من كرامة الأمة وعمران الوطن أعظم مما بذل من المال ، وفوق ذلك من يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله وهي سبيل الحق والخير وسعادة الدارين ابتغاء مرضاته والزلفى عنده .
وقد كان من مقتضى تحقق معاني أسماء الله الحسنى وصفاته العلى أن يخلق ما علمنا وما لم نعلم من أنواع المخلوقات ، وأن تكون المقابلات والنسب بين بعضها مختلفة من توافق وتباين وتضاد ، ويترتب على ذلك في نظام الخلق أن الضد يظهر حسنه الضد ، وأن تكون مصائب قوم عند قوم فوائد ، وأن يسيء بعضهم إلى نفسه أو غيره ، وأن يكون بعضهم مفطورا على طاعة ربه ، دائبا على عبادته وحمده وشكره ، وأن يكون بعضهم مختارا في عمله مستعدا للأضداد في ميله وطبعه ، يتنازعه عاملا الكفر والشكر ، وتشتبه عليه حقيقتا التوحيد والشرك ، وتتجاذبه داعيتا الفجور والبر ، فيكون لشكره وبره وطاعته لربه من عظم الشأن مع معارضة الموانع ما ليس للمفطور على ذلك ، وقد يعصي فيفيده العصيان خوفا ورهبة ، ويحمله على التوبة ، فيكون له أوفر حظ من اسمي العفو الغفور ، وقد يستكبر عن الطاعة والإيمان ويصر على الفسوق والعصيان فيكون موضعا لعقاب الحكم العدل ، وآية فيه على تنزهه تعالى عن الجور والظلم .
ولا نعرف نوعا من أنواع الخلق مفطورا على الباطل والشر ، مجبورا على الفسق والكفر ، فهو غير موجود .على أنه لو وجد لما صح أن يعترض به العبد المربوب على الرب المعبود ، وهذه الآيات المبينة لمعصية إبليس وهو شر أفراد هذا النوع المسمى بالجن تدل على أنه كان مختارا في عصيانه بانيا إياه على شبهة احتج بها عليه وكذلك خلق الله نوعه فكانوا كالبشر منهم المؤمن والكافر ، والبر والفاجر كما يعلم من السورة التي سميت باسمهم ( الجن ) قال تعالى:{ وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه} ( الكهف 50 ) الفسق الخروج من الشيء فهو يدل على أنه كان قبل ذلك يطيعه ويعبده كما يدل عليه وجوده مع الملائكة وعقوبته بإخراجه منهم بعد المعصية .
وقد عصى آدم ربه عصيان إبليس ، وكان الفرق بينهما أن آدم تاب إلى ربه فتاب عليه وهداه واجتباه ، وجعله موضع مغفرته ورحمته ، وأن إبليس أصر على عصيانه واحتج على ربه فلعنه وأخزاه ، وجعله موضع عدله في عقابه وقص قصصهما على المكلفين من ذريتهما بما أظهر حقيقة النوعين ، ومآل العملين ، عبرة للمعتبرين وموعظة للمتقين ، وابتلاء ( اختبارا ) للعالمين يميز الله به المحسنين والمسيئين ويزيل بين الطيبين والخبيثين ، إذ كان من سننه فيهما أن الحياة جهاد ، يظهر به ما أودع في النفوس من الاستعداد ، وأن من حكم تفاوت البشر فيه أن يكون منهم العالم والجاهل ، والحكيم والحاكم والمسوس والسائس ، والجندي والقائد والمخدوم والخادم ، والزارع والصانع ، والتاجر والعامل .فلولا العمال مثلا لما اتسعت مسائل العلوم بالأعمال ولما أمكن الانتفاع بما كشف العلماء من أسرار الطبيعة وخواص المخلوقات ، ولولا ذلك لما عرفت نعم الخالق وسننه ودقائق علمه وحكمته في الأشياء ، وغير ذلك من معاني الصفات ومظاهر الأسماء وموجبات الحمد والشكر والثناء .
وجملة القول إن كل ما خلقه الله تعالى فهو حسن في نفسه ، متقن في صنعه ، مظهر لنوع أو أنواع من حكمه في خلقه ، ومن كماله في ذاته وصفاته ولا شيء منه بباطل ولا بشر محض{ وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق} ( الحجر 75 ){ وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار} ( ص 26 ) .
وإذا كان من حكمته تعالى فيما ذكر من معصيتي أبوي الإنس والجن ظهور استعدادهما وإظهار حكمه تعالى في الجزاء على الذنوب في حالي التوبة منها والإصرار عليها ، والعبرة والموعظة ، وحسن الأسوة ، وسوء القدوة ، والابتلاء والجهاد وغيره مما بينا .وإذا كانت معصية الأول بسبب وسوسة الآخر فلا خفاء في استمرار ذلك في ذريتهما ، لأنه من مقتضى فطرة نوعيهما ، التي هي مظهر أسماء الله وصفاته فيهما ، فجنس الجن أو الجنة الغيبي الروحاني نوعان أو صنفان:صنف ملكي يلابس بعضه أرواح البشر الميالة إلى الحق والخير فتقوى داعيتهما فيها ، وصنف شيطاني يلابس أراوح البشر الميالة إلى الباطل والشر فتقوى داعيتهما فيها ، كما بينه صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: "إن للشيطان لمة بابن آدم وللملك لمة ، فأما لمة الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق ، وأما لمة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق ، فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله فليحمد الله على ذلك ، ومن وجد الأخرى فليتعوذ بالله من الشيطان "ثم قرأ{ الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء}{[1130]} ( البقرة 268 ) الآية رواه الترمذي وقال حسن غريب والنسائي وابن حبان والبيهقي في الشعب ورواة التفسير المأثور من حديث ابن مسعود .ومثل اتصال نوعي الجنة الروحية بروح الإنسان كل بما يناسب طبعه كمثل اتصال نوعي الجنة المادية بجسده وتأثيرها فيه بحسب استعداده ، وهي ما يسميه الأطباء بالمكروبات وسماها بعض الأدباء النقاعيات ، فإن منها جنة الأمراض والأوبئة التي تؤثر في الجسم القابل لها بضعفه ، والميكروبات التي تقوى بها الصحة كما بيناه من قبل .
قال الراغب في مفرداته:والجن يقال على وجهين:أحدهما:للروحانيين المستترة عن الحواس كلها بإزاء الإنس فعلى هذا تدخل فيه الملائكة والشياطين فكل ملائكة جن وليس كل جن ملائكة ، وعلى هذا قال أبو صالح الملائكة كلها جن وقيل بل الجن بعض الروحانيين ، وذلك أن الروحانيين ثلاثة:أخيار وهم الملائكة وأشرار وهم الشياطين وأوساط فيهم أخيار وأشرار وهم الجن .ويدل على ذلك قوله تعالى:{ قل أوحي إلي} إلى قوله عز وجل:{ وإنا منا المسلمون ومنا القاسطون} ( الجن 14 ) والجنة جماعة الجن اه .
وأقول:إن هذا لا يخالف ما ذكر قبله من وحدة الجنس فإنه غلب على قسمين منه اسمان مميزان لهما لتضادهما .وقد فسرت الجنة ( بالكسر ) في قوله تعالى:{ وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ولقد علمت الجنة أنهم لمحضرون} ( الصافات 158 ) بالملائكة كما يدل عليه قوله قبل الآية عن كفار قريش{ فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون} ( الصافات 149 ) الآيات .قال مجاهد وعكرمة وأبو صالح وأبو مالك وقتادة:إن الجنة في الآية الملائكة وإن المراد بالنسب قولهم:الملائكة بنات الله{ ولقد علمت الجنة} أي الملائكة{ إنهم لمحضرون} في النار مقدمون على عذاب الكفر اه ملخصا بالمعنى .
نكتفي هنا بهذا ونحيل في زيادة بسطه وإيضاحه على ما تكرر في هذا التفسير من بيان حكمة الله في خلق البشر متفاوتي الاستعداد مختارين في الأعمال وكذا ما بيناه في خلق الجن والشياطين ووسوستهم ودرجة تأثيرها في آيات البقرة وغيرها وما حققناه في مسألة الخير والشر .وللمحقق ابن القيم بحث طويل في حكم الله في خلق إبليس يراجع في محله .
ومن المباحث اللفظية في القصة أنه إذا قوبل ما هنا بما في سورة الحجر يرى خلاف الفصل والوصل في مقول القول من بعض الأسئلة والأجوبة مع الاتفاق على الفصل في بدء كل منها ( بقال ) على الاستئناف البياني كما تقدم .فههنا عطف أمر الرب سبحانه لإبليس بالهبوط وأمره الأول له بالخروج بالفاء وكذا قول إبليس"فيما أغويتني "على أنه مرتب على ما قبله متفرع عنه كما أشرنا إليه في مواضعه .وفصل طلب إبليس للإنظار وجواب الرب له وأمره الثاني له بالخروج وأما في سورة الحجر فقد وصل كلا من طلب الإنظار وجوابه بالفاء وكذا في سورة ص وفصل تعليل إغوائه للناس بإغواء الرب له إذ قال: "رب بما أغويتني "فخالف ذلك ما في سورة الأعراف ولكن اتفقت السورتان في عطف الأمر بالخروج بالفاء .
فههنا يقال إننا علمنا من سنة القرآن في قصصه المكررة أنها لما كانت منزلة لأجل العبرة والموعظة والتأثير في العقول والقلوب اختلفت أساليبها بين إيجاز وإطناب ، وذكر في بعضها من المعاني والفوائد ما ليس في البعض الآخر حتى لا تمل للفظها ولا لمعانيها ، وعلمنا أن الأقوال المحكية فيها إنما هي معبرة عن المعاني وشارحة للحقائق وليست نقلا لألفاظ المحكي عنهم بأعيانها فإن بعض أولئك المحكي عنهم أعاجم ولم تكن لغة العربي منهم كلغة القرآن في فصاحتها وبلاغتها دع ما قيل فيه هنا من أن القصة مبينة لحقائق ثابتة في نفسها بأسلوب التمثيل وما ثم أقوال قيلت بالعربية ولا غيرها علمنا هذا وذاك .ولكن الذي نجزم به أنه لا يمكن أن يكون في كتاب الله اختلاف في المعاني وإن لم يكن تناقضا ، وإن اختلاف الأساليب وطرق التعبير فيه عن المعنى الواحد لا تختلف إلا لنكت تفيد من فهمها فائدة لفظية أو معنوية ، فما فائدة ما ذكر من اختلاف الفصل والوصل في سورتي الأعراف والحجر ؟
الجواب:إن الوصل بالعطف بالفاء في موضعه أفاد معنى زائدا على ما ورد في مثله بالفصل استئنافا ولا يحتاج في زيادة الفائدة إلى نكتة غيرها ، على أنك إذا تأملت السياق في كل من الموضعين وجدت أن طلب إبليس الإنظار في سورة الحجر قد ذكر بعد أمره بالخروج معطوفا بالفاء لترتبه على ما قبله ووصفه بأنه رجيم مقرونا بفاء السببية ولعنه إلى يوم الدين فلا غرو إذا جعل طلبه للإنظار فيها متصلا بما قبله متفرعا ، عنه كأنه يقول:يا رب إذ طردتني من رحمتك فأطل حياتي في هذه الدنيا إلى يوم البعث إتماما لحكمتك ، فأجابه تعالى جوابا معطوفا على طلبه إلى ما تتم به الحكمة لا إلى ما تتحقق به أمنيته في النجاة من الموت .ولعل من حكمه تعالى في إنظار إبليس أن يتمتع في الدنيا جزاء على ما كان من عبادته تعالى ، لأنه لا حظ له في الآخرة ، ويحتمل أن يكون قد قصد هذا من طلبه الإنظار .
وأما نكتة حذف الفاء من قوله في سورة الحجر"رب بما أغويتني "مع إثباتها في سورة الأعراف لارتباطها بما قبلها فهي كما قال الخطيب الإسكافي أن الدعاء في الصدر يستأنف بعده الكلام والقصة غير مقتضية لما قبلها كما اقتضاها قوله:{ رب فانظرني} والفاء توجب اتصال ما بعدها بما قبلها والنداء أولا يوجب القطع واستئناف الكلام ولاسيما في قصة لا يقتضيها ما قبلها ، فلم تحسن الفاء مع قوله: "رب بما أغويتني ".والموضعان الآخران لم يدخل فيهما نداء يوجب استئناف ما بعده فلذلك وصل القسم فيهما بالأول بدخول الفاء اه .