قال العوفي عن ابن عباس:سأل الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأهلة ، فنزلت هذه الآية:( يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس [ والحج] ) يعلمون بها حل دينهم ، وعدة نسائهم ، ووقت حجهم .
وقال أبو جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية:بلغنا أنهم قالوا:يا رسول الله ، لم خلقت الأهلة ؟ فأنزل الله ( يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس ) يقول:جعلها الله مواقيت لصوم المسلمين وإفطارهم ، وعدة نسائهم ، ومحل دينهم .
وكذا روي عن عطاء ، والضحاك ، وقتادة ، والسدي ، والربيع بن أنس ، نحو ذلك .
وقال عبد الرزاق ، عن عبد العزيز بن أبي رواد ، عن نافع ، عن ابن عمر قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"جعل الله الأهلة مواقيت للناس ، فصوموا لرؤيته ، وأفطروا لرؤيته ، فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين يوما ".
ورواه الحاكم في مستدركه ، من حديث ابن أبي رواد ، به . وقال:كان ثقة عابدا مجتهدا شريف النسب ، فهو صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه .
وقال محمد بن جابر ، عن قيس بن طلق ; عن أبيه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"جعل الله الأهلة ، فإذا رأيتم الهلال فصوموا ، وإذا رأيتموه فأفطروا ، فإن أغمي عليكم فأكملوا العدة ثلاثين ". وكذا روي من حديث أبي هريرة ، ومن كلام علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه .
وقوله:( وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها ) قال البخاري:حدثنا عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن البراء قال:كانوا إذا أحرموا في الجاهلية أتوا البيت من ظهره ، فأنزل الله ( وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها ) .
وكذا رواه أبو داود الطيالسي ، عن شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن البراء ، قال:كانت الأنصار إذا قدموا من سفر لم يدخل الرجل من قبل بابه ، فنزلت هذه الآية .
وقال الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر:كانت قريش تدعى الحمس ، وكانوا يدخلون من الأبواب في الإحرام ، وكانت الأنصار وسائر العرب لا يدخلون من باب في الإحرام ، فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بستان إذ خرج من بابه ، وخرج معه قطبة بن عامر الأنصاري ، فقالوا:يا رسول الله ، إن قطبة بن عامر رجل تاجر وإنه خرج معك من الباب . فقال له:"ما حملك على ما صنعت ؟ "قال:رأيتك فعلته ففعلت كما فعلت . فقال:"إني [ رجل] أحمس ". قال له:فإن ديني دينك . فأنزل الله ( وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها ) رواه ابن أبي حاتم . ورواه العوفي عن ابن عباس بنحوه . وكذا روي عن مجاهد ، والزهري ، وقتادة ، وإبراهيم النخعي ، والسدي ، والربيع بن أنس .
وقال الحسن البصري:كان أقوام من أهل الجاهلية إذا أراد أحدهم سفرا وخرج من بيته يريد سفره الذي خرج له ، ثم بدا له بعد خروجه أن يقيم ويدع سفره ، لم يدخل البيت من بابه ، ولكن يتسوره من قبل ظهره ، فقال الله تعالى:( وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها [ ولكن البر من اتقى] ) الآية .
وقال محمد بن كعب:كان الرجل إذا اعتكف لم يدخل منزله من باب البيت ، فأنزل الله هذه الآية .
وقال عطاء بن أبي رباح:كان أهل يثرب إذا رجعوا من عيدهم دخلوا منازلهم من ظهورها ويرون أن ذلك أدنى إلى البر ، فقال الله تعالى:( وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها )
وقوله:( واتقوا الله لعلكم تفلحون ) أي:اتقوا الله فافعلوا ما أمركم به ، واتركوا ما نهاكم عنه ( لعلكم تفلحون ) غدا إذا وقفتم بين يديه ، فيجزيكم بأعمالكم على التمام ، والكمال .