وهذا المثال مثال لذوي الجهل المركب . فأما أصحاب الجهل البسيط ، وهم الطماطم الأغشام المقلدون لأئمة الكفر ، الصم البكم الذين لا يعقلون ، فمثلهم كما قال تعالى:( أو كظلمات في بحر لجي ):قال قتادة:وهو العميق . ( يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ) أي:لم يقارب رؤيتها من شدة الظلام ، فهذا مثل قلب الكافر الجاهل البسيط المقلد الذي لا يدري أين يذهب ، ولا [ هو] يعرف حال من يقوده ، بل كما يقال في المثل للجاهل:أين تذهب؟ قال:معهم . قيل:فإلى أين يذهبون؟ قال:لا أدري .
وقال العوفي ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما:( يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ) يعني بذلك:الغشاوة التي على القلب والسمع والبصر ، وهي كقوله:( ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم ) [ البقرة:7] ، وكقوله:( أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون ) [ الجاثية:23] .
وقال أبي بن كعب في قوله:( ظلمات بعضها فوق بعض ) فهو يتقلب في خمسة من الظلم:كلامه ظلمة ، وعمله ظلمة ، ومدخله ظلمة ، ومخرجه ظلمة ، ومصيره يوم القيامة إلى الظلمات ، إلى النار .
وقال الربيع بن أنس ، والسدي نحو ذلك أيضا .
وقوله:( ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور ) أي:من لم يهده الله فهو هالك جاهل حائر بائر كافر ، كما قال تعالى:( من يضلل الله فلا هادي له ) [ الأعراف:186] وهذا [ في] مقابلة ما قال في مثل المؤمنين:( يهدي الله لنوره من يشاء ) فنسأل الله العظيم أن يجعل في قلوبنا نورا ، وعن أيماننا نورا ، وعن شمائلنا نورا ، وأن يعظم لنا نورا .