وقوله تعالى:( ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله ) أي:أنتم - أيها المؤمنون - تحبون المنافقين مما يظهرون لكم من الإيمان ، فتحبونهم على ذلك وهم لا يحبونكم ، لا باطنا ولا ظاهرا ( وتؤمنون بالكتاب كله ) أي:ليس عندكم في شيء منه شك ولا ريب ، وهم عندهم الشك والريب والحيرة .
وقال محمد بن إسحاق:حدثني محمد بن أبي محمد ، عن عكرمة أو سعيد بن جبير ، عن ابن عباس:( وتؤمنون بالكتاب كله ) أي:بكتابكم وكتابهم ، وبما مضى من الكتب قبل ذلك ، وهم يكفرون بكتابكم ، فأنتم أحق بالبغضاء لهم ، منهم لكم . رواه ابن جرير .
( وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ ) والأنامل:أطراف الأصابع ، قاله قتادة .
وقال الشاعر:
أود كما ما بل حلقي ريقتي وما حملت كفاي أنملي العشرا
وقال ابن مسعود ، والسدي ، والربيع بن أنس:( الأنامل ) الأصابع .
وهذا شأن المنافقين يظهرون للمؤمنين الإيمان والمودة ، وهم في الباطن بخلاف ذلك من كل وجه ، كما قال تعالى:( وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ ) وذلك أشد الغيظ والحنق ، قال الله تعالى:( قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور ) أي:مهما كنتم تحسدون عليه المؤمنين ويغيظكم ذلك منهم ، فاعلموا أن الله متم نعمته على عباده المؤمنين ، ومكمل دينه ، ومعل كلمته ، ومظهر دينه ، فموتوا أنتم بغيظكم ( إن الله عليم بذات الصدور ) أي:هو عليم بما تنطوي عليه ضمائركم ، وتكنه سرائركم من البغضاء والحسد والغل للمؤمنين ، وهو مجازيكم عليه في الدنيا بأن يريكم خلاف ما تؤملون ، وفي الآخرة بالعذاب الشديد في النار التي أنتم خالدون فيها ، فلا خروج لكم منها .