[ هَآ أَنتُمْ أُوْلآء تُحِبُّونَهُمْ] لأنَّ اللّه أرادكممن خلال الإسلام المنفتح على النّاس كلّهمأن تفتحوا قلوبكم بالمحبة للآخرين ،لأنَّ المسلم هو الذي يتحرّك في حياته مع الآخرين على أساس الإخلاص الباحث عن حركة الحقيقة في الوجدان العام من مواقع التفكير والحوار ،فهو يعمل على أن يهدي الآخر بالدخول إلى قلبه من خلال الشعور الطاهر ،ليدخل إلى عقله من خلال الجوّ الملائم الذي لا يحمل في داخله أيّة حالة لرفض الآخر ،[ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ] من خلال أنَّهم تحرّكوافي تربيتهممن قاعدة العنصرية التي توحي إليهم بأنَّهم هم الذين يملكون الدرجة العليا في الإنسانية ،وأنَّ الآخرين لا يمثّلون شيئاً في حساباتهم إلاَّ كما يمثّله العبد أمام سيِّده .هذا من جهةٍ ،ومن جهةٍ أخرى ،فإنَّهم لا يرون فيكم إلاَّ الفئة المضادة لتطلّعاتهم ومخططاتهم من أجل السيطرة على العالم ،ما يجعلهم لا يطيقون وجودكمبالذاتفكيف يمكن أن يحملوا لكم الحبّ ؟
[ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلّهِ] لأنَّ القرآن جاء مصدّقاً لما بين يديه من التوراة والإنجيل ،وداعياً كلّ أتباعه إلى الإيمان بالكتاب الذي أنزله اللّه على رسوله موزعاً بينهم في حاجات النّاس ،بحسب المراحل ،من دون تفريقٍ بين كتابٍ وكتاب ،ورسول ورسول .أمّا هم فلا يؤمنون بكتابكم ،لأنَّهم لا يؤمنون بأنَّ محمَّداً صلّى اللّه عليه وآله وسلّم رسول اللّه وأنَّ القرآن وحي من اللّه ،[ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا] لتؤمّنوا لهم فتعتبروهم منكم فتدخلوهم في عمق خصوصياتكم ،فيطلعوا على أسراركم التي تمنحهم الفرصة لاستغلالها في الإضرار بكم وتعطيل خططكم المعتمدة على بعض الأمور السرية في مواجهة العدوّ ،[ وَإِذَا خَلَوْا عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ] في تعبير صارخ عن الحقد الدفين في نفوسهم من خلال هذا الانتصار الكبير للدعوة الإسلامية الذي أغلق عنهم الكثير من الساحات التي كانوا يتحرّكون فيها ،محقّقين فيها مصالحهم ومآربهم الخاصّة من خلال علاقاتهم المدروسة مع أهلها .
[ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ] فلن ينفعكم ذلك شيئاً في إنجاح ما تخطّطون له من الكيد للإسلام والمسلمين ،ولن يضرّ المسلمين شيئاً في رعاية اللّه لهم في انتصاراتهم وفتوحاتهم وغلبتهم على الشرك كلّه ،فلن يخفى أمركم على اللّه ،[ إِنَّ اللّه عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ] فهو المطّلع على أعماق عباده ،وهو الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور .