ختلف المفسرون في هذا الوعد:هل كان يوم بدر أو يوم أحد ؟ على قولين:
أحدهما:أن قوله:( إذ تقول للمؤمنين ) متعلق بقوله:( ولقد نصركم الله ببدر ) وروي هذا عن الحسن البصري ، وعامر الشعبي ، والربيع بن أنس ، وغيرهم . واختاره ابن جرير .
قال عباد بن منصور ، عن الحسن في قوله:( إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة ) قال:هذا يوم بدر . رواه ابن أبي حاتم ، ثم قال:
حدثنا أبي ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا وهيب عن داود ، عن عامر - يعني الشعبي - أن المسلمين بلغهم يوم بدر أن كرز بن جابر يمد المشركين ، فشق ذلك عليهم ، فأنزل الله:( ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين ) إلى قوله:( مسومين ) قال:فبلغت كرزا الهزيمة ، فلم يمد المشركين ولم يمد الله المسلمين بالخمسة .
وقال الربيع بن أنس:أمد الله المسلمين بألف ، ثم صاروا ثلاثة آلاف ، ثم صاروا خمسة آلاف .
فإن قيل:فما الجمع بين هذه الآية - على هذا القول - وبين قوله تعالى في قصة بدر:( إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين [ وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله] إن الله عزيز حكيم ) [ الأنفال:9 ، 10] فالجواب:أن التنصيص على الألف هاهنا لا ينافي الثلاثة الآلاف فما فوقها ، لقوله:( مردفين ) بمعنى يردفهم غيرهم ويتبعهم ألوف أخر مثلهم . وهذا السياق شبيه بهذا السياق في سورة آل عمران . فالظاهر أن ذلك كان يوم بدر كما هو المعروف من أن قتال الملائكة إنما كان يوم بدر ، والله أعلم ، قال سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة:أمد الله المؤمنين يوم بدر بخمسة آلاف .
القول الثاني:أن هذا الوعد متعلق بقوله:( وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال ) وذلك يوم أحد . وهو قول مجاهد ، وعكرمة ، والضحاك ، والزهري ، وموسى بن عقبة وغيرهم . لكن قالوا:لم يحصل الإمداد بالخمسة الآلاف ، لأن المسلمين فروا يومئذ - زاد عكرمة:ولا بالثلاثة الآلاف ، لقوله:( بلى إن تصبروا وتتقوا ) فلم يصبروا ، بل فروا ، فلم يمدوا بملك واحد .