وقوله:( وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا ) أي:لا يموت أحد إلا بقدر الله ، وحتى يستوفي المدة التي ضربها الله له ، ولهذا قال:( كتابا مؤجلا ) كقوله ( وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب ) [ فاطر:11] وكقوله ( هو الذي خلقكم من طين ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده ) [ الأنعام:2] .
وهذه الآية فيها تشجيع للجبناء وترغيب لهم في القتال ، فإن الإقدام والإحجام لا ينقص من العمر ولا يزيد فيه كما قال ابن أبي حاتم:
حدثنا العباس بن يزيد العبدي قال:سمعت أبا معاوية ، عن الأعمش ، عن حبيب بن صهبان ، قال:قال رجل من المسلمين - وهو حجر بن عدي -:ما يمنعكم أن تعبروا إلى هؤلاء العدو ، هذه النطفة ؟ - يعني دجلة - ( وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا ) ثم أقحم فرسه دجلة فلما أقحم أقحم الناس فلما رآهم العدو قالوا:دبوان ، فهربوا .
وقوله:( ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها ) أي:من كان عمله للدنيا فقد نال منها ما قدره الله له ، ولم يكن له في الآخرة [ من] نصيب ، ومن قصد بعمله الدار الآخرة أعطاه الله منها مع ما قسم له في الدنيا كما قال:( من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب ) [ الشورى:20] وقال تعالى:( من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا ) [ الإسراء:18 ، 19] وهكذا قال هاهنا:( وسنجزي الشاكرين ) أي:سنعطيهم من فضلنا ورحمتنا في الدنيا والآخرة بحسب شكرهم وعملهم .