ولهذا قال تعالى:( فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء ) أي:لما توكلوا على الله كفاهم ما أهمهم ورد عنهم بأس من أراد كيدهم ، فرجعوا إلى بلدهم ( بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء ) مما أضمر لهم عدوهم ( واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم )
قال البيهقي:أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو بكر بن داود الزاهد ، حدثنا محمد بن نعيم ، حدثنا بشر بن الحكم ، حدثنا مبشر بن عبد الله بن رزين ، حدثنا سفيان بن حسين ، عن يعلى بن مسلم ، عن عكرمة ، عن ابن عباس في قول الله تعالى ( فانقلبوا بنعمة من الله وفضل ) قال:النعمة أنهم سلموا ، والفضل أن عيرا مرت ، وكان في أيام الموسم ، فاشتراها رسول الله صلى الله عليه وسلم فربح فيها مالا فقسمه بين أصحابه .
وقال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله:( الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم ) قال:[ هذا] أبو سفيان ، قال لمحمد صلى الله عليه وسلم:موعدكم بدر ، حيث قتلتم أصحابنا . فقال محمد صلى الله عليه وسلم:"عسى ". فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم لموعده حتى نزل بدرا ، فوافقوا السوق فيها وابتاعوا فذلك قول الله عز وجل:( فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء [ واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم] ) قال:وهي غزوة بدر الصغرى .
رواه ابن جرير . وروى [ أيضا] عن القاسم ، عن الحسين ، عن حجاج ، عن ابن جريج قال:لما عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لموعد أبي سفيان ، فجعلوا يلقون المشركين ويسألونهم عن قريش ، فيقولون قد جمعوا لكم يكيدونهم بذلك ، يريدون أن يرعبوهم فيقول المؤمنون:( حسبنا الله ونعم الوكيل ) حتى قدموا بدرا ، فوجدوا أسواقها عافية لم ينازعهم فيها أحد ، قال رجل من المشركين فأخبر أهل مكة بخيل محمد ، وقال في ذلك:
نفرت قلوصي من خيول محمد وعجوة منثورة كالعنجد
واتخذت ماء قديد موعدي
ثم قال ابن جرير:هكذا أنشدنا القاسم ، وهو خطأ ، وإنما هو:
قد نفرت من رفقتي محمد وعجوة من يثرب كالعنجد
تهوى على دين أبيها الأتلد قد جعلت ماء قديد موعدي
وماء ضجنان لها ضحى الغد