قال الله تعالى:( قل يوم الفتح ) أي:إذا حل بكم بأس الله وسخطه وغضبه في الدنيا وفي الأخرى ، ( لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون ) ، كما قال تعالى:( فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون ) [ غافر:83 - 85] ، ومن زعم أن المراد من هذا الفتح فتح مكة فقد أبعد النجعة ، وأخطأ فأفحش ، فإن يوم الفتح قد قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم إسلام الطلقاء ، وقد كانوا قريبا من ألفين ، ولو كان المراد فتح مكة لما قبل إسلامهم; لقوله:( قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون ) ، وإنما المراد الفتح الذي هو القضاء والفصل ، كقوله تعالى:( فافتح بيني وبينهم فتحا ونجني ومن معي من المؤمنين ) [ الشعراء:118] ، وكقوله:( قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم ) [ سبأ:26] ، وقال تعالى:( واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد ) [ إبراهيم:15] ، وقال:( وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا ) [ البقرة:89] ، وقال:( إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح ) [ الأنفال:19] .