يمدح تعالى:( الذين يبلغون رسالات الله ) أي:إلى خلقه ويؤدونها بأمانتها ) ويخشونه ) أي:يخافونه ولا يخافون أحدا سواه فلا تمنعهم سطوة أحد عن إبلاغ رسالات الله ، ( وكفى بالله حسيبا ) أي:وكفى بالله ناصرا ومعينا . وسيد الناس في هذا المقام - بل وفي كل مقام - محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم; فإنه قام بأداء الرسالة وإبلاغها إلى أهل المشارق والمغارب ، إلى جميع أنواع بني آدم ، وأظهر الله كلمته ودينه وشرعه على جميع الأديان والشرائع ، فإنه قد كان النبي يبعث إلى قومه خاصة ، وأما هو - صلوات الله عليه - فإنه بعث إلى جميع الخلق عربهم وعجمهم ، ( قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا ) [ الأعراف:158] ، ثم ورث مقام البلاغ عنه أمته من بعده ، فكان أعلى من قام بها بعده أصحابه ، رضي الله عنهم ، بلغوا عنه كما أمرهم به في جميع أقواله وأفعاله وأحواله ، في ليله ونهاره ، وحضره وسفره ، وسره وعلانيته ، فرضي الله عنهم وأرضاهم . ثم ورثه كل خلف عن سلفهم إلى زماننا هذا ، فبنورهم يقتدي المهتدون ، وعلى منهجهم يسلك الموفقون . فنسأل الله الكريم المنان أن يجعلنا من خلفهم .
قال الإمام أحمد:حدثنا ابن نمير ، أخبرنا الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي البختري ، عن أبي سعيد الخدري ، رضي الله عنه ، قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا يحقرن أحدكم نفسه أن يرى أمر الله فيه مقال ثم لا يقوله ، فيقول الله:ما يمنعك أن تقول فيه ؟ فيقول:رب ، خشيت الناس . فيقول:فأنا أحق أن يخشى ".
ورواه أيضا عن عبد الرزاق ، عن الثوري ، عن زبيد ، عن عمرو بن مرة .
ورواه ابن ماجه ، عن أبي كريب ، عن عبد الله بن نمير وأبي معاوية ، كلاهما عن الأعمش ، به .