يقول تعالى لعبده ورسوله محمد ، صلوات الله وسلامه عليه:( وما أرسلناك إلا كافة للناس ):أي:إلا إلى جميع الخلق من المكلفين ، كقوله تعالى:( قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا ) [ الأعراف:158] ، ( تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا ) [ الفرقان:1] . ( بشيرا ونذيرا ) أي تبشر من أطاعك بالجنة ، وتنذر من عصاك بالنار .
( ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) ، كقوله تعالى:( وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ) [ يوسف:103] ، ( وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله ) [ الأنعام:116] .
قال محمد بن كعب في قوله:( وما أرسلناك إلا كافة للناس ) يعني:إلى الناس عامة .
وقال قتادة في هذه الآية:أرسل الله محمدا صلى الله عليه وسلم إلى العرب والعجم ، فأكرمهم على الله أطوعهم لله عز وجل .
وقال ابن أبي حاتم:حدثنا أبو عبد الله الظهراني ، حدثنا حفص بن عمر العدني ، حدثنا الحكم - يعني:ابن أبان - عن عكرمة قال:سمعت ابن عباس يقول:إن الله فضل محمدا صلى الله عليه وسلم على أهل السماء وعلى الأنبياء . قالوا:يا ابن عباس ، فيم فضله الله على الأنبياء ؟ قال:إن الله قال:( وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم ) ، وقال للنبي صلى الله عليه وسلم:( وما أرسلناك إلا كافة للناس ) ، فأرسله الله إلى الجن والإنس .
وهذا الذي قاله ابن عباس قد ثبت في الصحيحين رفعه عن جابر قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي:نصرت بالرعب مسيرة شهر . وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل . وأحلت لي الغنائم ، ولم تحل لأحد قبلي . وأعطيت الشفاعة . وكان النبي يبعث إلى قومه ، وبعثت إلى الناس عامة ".
وفي الصحيح أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"بعثت إلى الأسود والأحمر ":قال مجاهد . يعني:الجن والإنس . وقال غيره:يعني:العرب والعجم . والكل صحيح .