( وقالوا آمنا به ) أي:يوم القيامة يقولون:آمنا بالله وبكتبه ورسله ، كما قال تعالى:( ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رءوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون ) [ السجدة:12] ; ولهذا قال تعالى:( وأنى لهم التناوش من مكان بعيد ) أي:وكيف لهم تعاطي الإيمان وقد بعدوا عن محل قبوله منهم وصاروا إلى الدار الآخرة ، وهي دار الجزاء لا دار الابتلاء ، فلو كانوا آمنوا في الدنيا لكان ذلك نافعهم ، ولكن بعد مصيرهم إلى الدار الآخرة لا سبيل لهم إلى قبول الإيمان ، كما لا سبيل إلى حصول الشيء لمن يتناوله من بعيد .
قال مجاهد:( وأنى لهم التناوش ) قال:التناول لذلك .
وقال الزهري:التناوش:تناولهم الإيمان وهم في الآخرة ، وقد انقطعت عنهم الدنيا .
وقال الحسن البصري:أما إنهم طلبوا الأمر من حيث لا ينال ، تعاطوا الإيمان من مكان بعيد .
وقال ابن عباس:طلبوا الرجعة إلى الدنيا والتوبة مما هم فيه ، وليس بحين رجعة ولا توبة . وكذا قال محمد بن كعب القرظي ، رحمه الله .