يقول تعالى:( لا خير في كثير من نجواهم ) يعني:كلام الناس ( إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ) أي:إلا نجوى من قال ذلك كما جاء في الحديث الذي رواه ابن مردويه:
حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم ، حدثنا محمد بن سليمان بن الحارث ، حدثنا محمد بن يزيد بن خنيس قال:دخلنا على سفيان الثوري نعوده - وأومأ إلى دار العطارين - فدخل عليه سعيد بن حسان المخزومي فقال له سفيان الثوري:الحديث الذي كنت حدثتني به عن أم صالح اردده علي . فقال:حدثتني أم صالح ، عن صفية بنت شيبة ، عن أم حبيبة قالت:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كلام ابن آدم كله عليه لا له ما خلا أمرا بمعروف أو نهيا عن منكر [ أو ذكر الله عز وجل "، قال سفيان:فناشدته] فقال محمد بن يزيد:ما أشد هذا الحديث ؟ فقال سفيان:وما شدة هذا الحديث ؟ إنما جاءت به امرأة عن امرأة ، هذا في كتاب الله الذي أرسل به نبيكم صلى الله عليه وسلم أو ما سمعت الله يقول في كتابه:( لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ) فهو هذا بعينه ، أو ما سمعت الله يقول:( يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا ) [ النبأ:38] فهو هذا بعينه ، أو ما سمعت الله يقول في كتابه:( والعصر . إن الإنسان لفي خسر . [ إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر] ) [ سورة العصر] ، فهو هذا بعينه .
وقد روى هذا الحديث الترمذي وابن ماجه من حديث محمد بن يزيد بن خنيس عن سعيد بن حسان ، به . ولم يذكرا أقوال الثوري إلى آخرها ، ثم قال الترمذي:غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن خنيس .
وقال الإمام أحمد:حدثنا يعقوب ، حدثنا أبي ، حدثنا صالح بن كيسان ، حدثنا محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب:أن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أخبره ، أن أمه أم كلثوم بنت عقبة أخبرته:أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرا - أو يقول خيرا "وقالت:لم أسمعه يرخص في شيء مما يقوله الناس إلا في ثلاث:في الحرب ، والإصلاح بين الناس ، وحديث الرجل امرأته ، وحديث المرأة زوجها . قال:وكانت أم كلثوم بنت عقبة من المهاجرات اللاتي بايعن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقد رواه الجماعة ، سوى ابن ماجه ، من طرق ، عن الزهري ، به نحوه .
قال الإمام أحمد:حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة عن سالم بن أبي الجعد ، عن أم الدرداء ، عن أبي الدرداء قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ألا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة ، والصيام والصدقة ؟ "قالوا:بلى . قال:"إصلاح ذات البين "قال:"وفساد ذات البين هي الحالقة ".
ورواه أبو داود والترمذي ، من حديث أبي معاوية ، وقال الترمذي:حسن صحيح .
وقال الحافظ أبو بكر البزار:حدثنا محمد بن عبد الرحيم ، حدثنا سريج بن يونس ، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر ، حدثنا أبي ، عن حميد ، عن أنس ; أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي أيوب:"ألا أدلك على تجارة ؟ "قال:بلى:قال:"تسعى في صلح بين الناس إذا تفاسدوا ، وتقارب بينهم إذا تباعدوا "ثم قال البزار:وعبد الرحمن بن عبد الله العمري لين ، وقد حدث بأحاديث لم يتابع عليها .
ولهذا قال:( ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله ) أي:مخلصا في ذلك محتسبا ثواب ذلك عند الله عز وجل ( فسوف نؤتيه أجرا عظيما ) أي:ثوابا كثيرا واسعا .