( ولأضلنهم ) أي:عن الحق ( ولأمنينهم ) أي:أزين لهم ترك التوبة ، وأعدهم الأماني ، وآمرهم بالتسويف والتأخير ، وأغرهم من أنفسهم .
وقوله:( ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ) قال قتادة والسدي وغيرهما:يعني تشقيقها وجعلها سمة وعلامة للبحيرة والسائبة .
( ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ) قال ابن عباس:يعني بذلك خصاء الدواب . وكذا روي عن ابن عمر ، وأنس ، وسعيد بن المسيب ، وعكرمة ، وأبي عياض ، وأبي صالح ، وقتادة ، والثوري . وقد ورد في حديث النهي عن ذلك .
وقال الحسن بن أبي الحسن البصري:يعني بذلك الوشم . وفي صحيح مسلم النهي عن الوشم في الوجه وفي لفظ:"لعن الله من فعل ذلك ". وفي الصحيح عن ابن مسعود أنه قال:لعن الله الواشمات والمستوشمات ، والنامصات والمتنمصات ، والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله ، عز وجل ، ثم قال:ألا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في كتاب الله ، عز وجل ، يعني قوله:( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) [ الحشر:7] .
وقال ابن عباس في رواية عنه ، ومجاهد ، وعكرمة أيضا وإبراهيم النخعي ، والحسن ، وقتادة ، والحكم ، والسدي ، والضحاك ، وعطاء الخراساني في قوله:( ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ) يعني:دين الله ، عز وجل . وهذا كقوله تعالى:( فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ) [ الروم:30] على قول من جعل ذلك أمرا ، أي:لا تبدلوا فطرة الله ، ودعوا الناس على فطرتهم ، كما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كل مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه ، وينصرانه ، ويمجسانه ، كما تولد البهيمة بهيمة جمعاء ، هل يحسون فيها من جدعاء ؟ "وفي صحيح مسلم ، عن عياض بن حمار قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"قال الله عز وجل:إني خلقت عبادي حنفاء ، فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم ، وحرمت عليهم ما أحللت لهم ".
وقوله تعالى:( ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا ) أي:فقد خسر الدنيا والآخرة ، وتلك خسارة لا جبر لها ولا استدراك لفائتها .