والثّانية: خطط الشيطان تلخصها الآية بعبارة: ( ولأُضلنهم ) .
والثّالثة: اشغلهم بالاُمنيات العريضة وطول الامل ( ولأُمنينهم ){[897]} .
أمّا الخطّة الرّابعة: ففيها يدعو الشيطان اتباعه إِلى القيام بأعمال خرافية ،مثل قطع أو خرق أذان الحيوانات كما جاء في الآية: ( ولأمرنّهم فليبتكن أذان الأنعام ) وهذه إِشارة لواحد من أقبح الأعمال التي كان يرتكبها الجاهليون المشركون ،حيث كانوا يقطعون أو يخرقون أذان بعض المواشي ،وكانوا يحرمون على أنفسهم ركوبها بل يحرمون أي نوع من أنواع الإِنتفاع بهذه الحيوانات .
وخامس: الخطط التي أقسم الشيطان أن ينفذها ضد الإِنسان ،هي ما ورد على لسانه في الآية إِذ تقول: ( ولأمرنهم فليغيّرن خلق الله ...) وهذه الجملة تشير إِلى أنّ الله قد أوجد في فطرة الإِنسان منذ خلقه إِياهالنزعة إِلى التوحيد وعبادة الواحد الأحد ،بالإِضافة إِلى بقية الصفات والخصال الحميدة الأخرى ،ولكن وساوس الشيطان والإِنجراف وراء الأهواء والنزوات تبعد الإِنسان عن الطريق المستقيم الصحيح ،وتحرفه إِلى الطرق المعوجة الشاذة .
والشاهد على هذا القول أيضاً الآية ( 30 ) من سورة الرّوم ،إِذ تقول: ( فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ) .
ونقل عن الإِمام الصّادق( عليه السلام ) أنّه فسّره بأنّ القصد من التغيير المذكور في هذه الآية من سورة النساء هو تغيير فطرة الإِنسان وحرفها عن التوحيد وعن أمر الله{[898]} .
وهذا الضرر الذي لا يمكن التعويض عنه ،يلحقه الشيطان بأساس سعادة الإِنسان ،لأنّه يعكس له الحقائق والوقائع ويستبدلها بمجموعة من الأوهام والخرافات والوساوس التي تؤدي إِلى تغيير السعادة بالشقاء للناس ،وقد أكّدت الآية في آخرها مبدأ كلياً ،وهو أنّ أي إِنسان يعبد الشيطان ويجعله لنفسه ولياً من دون الله ،فقد ارتكب إِثماً وذنباً واضحاً إِذ تقول الآية: ( ومن يتخذ الشّيطان ولياً من دون الله فقد خسر خسراناً مبيناً ) .