قوله تعالى:( وجزاء سيئة سيئة مثلها ) كقوله تعالى:( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) [ البقرة:194] وكقوله ( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين ) [ النحل:129] فشرع العدل وهو القصاص ، وندب إلى الفضل وهو العفو ، كقوله [ تعالى] ( والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ) [ المائدة:45] ; ولهذا قال هاهنا:( فمن عفا وأصلح فأجره على الله ) أي:لا يضيع ذلك عند الله كما صح في الحديث:"وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا "وقوله:( إنه لا يحب الظالمين ) أي:المعتدين ، وهو المبتدئ بالسيئة .
[ وقال بعضهم:لما كانت الأقسام ثلاثة:ظالم لنفسه ، ومقتصد ، وسابق بالخيرات ، ذكر الأقسام الثلاثة في هذه الآية فذكر المقتصد وهو الذي يفيض بقدر حقه لقوله:( وجزاء سيئة سيئة مثلها ) ، ثم ذكر السابق بقوله:( فمن عفا وأصلح فأجره على الله ) ثم ذكر الظالم بقوله:( إنه لا يحب الظالمين ) فأمر بالعدل ، وندب إلى الفضل ، ونهى من الظلم] .