وقوله:( وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك ) يعني:مكة ، ( أهلكناهم فلا ناصر لهم ) ، وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد لأهل مكة ، في تكذيبهم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو سيد المرسلين وخاتم الأنبياء ، فإذا كان الله - عز وجل - قد أهلك الأمم الذين كذبوا الرسل قبله بسببهم ، وقد كانوا أشد قوة من هؤلاء ، فماذا ظن هؤلاء أن يفعل الله بهم في الدنيا والأخرى ؟ فإن رفع عن كثير منهم العقوبة في الدنيا لبركة وجود الرسول نبي الرحمة ، فإن العذاب يوفر على الكافرين به في معادهم ، ( يضاعف لهم العذاب ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون ) [ هود:20] .
قوله:( من قريتك التي أخرجتك ) أي:الذين أخرجوك من بين أظهرهم .
وقال ابن أبي حاتم:ذكر أبي ، عن محمد بن عبد الأعلى ، عن المعتمر بن سليمان ، عن أبيه ، عن حنش ، عن عكرمة ، عن ابن عباس:أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما خرج من مكة إلى الغار أراه قال:التفت إلى مكة - وقال:"أنت أحب بلاد الله إلى الله ، وأنت أحب بلاد الله إلي ، ولو أن المشركين لم يخرجوني لم أخرج منك ". فأعدى الأعداء من عدا على الله في حرمه ، أو قتل غير قاتله ، أو قتل بذحول الجاهلية ، فأنزل الله على نبيه - صلى الله عليه وسلم -:( وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم )