قوله تعالى:{وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هي أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ التي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلاَ نَاصِرَ لَهُمْ} الآيات .
التي توضح معنى هذه الآية ،هي المشار إليها في نفس الآية ،التي ذكرنا قبلها .
وما تضمنته هذه الآية الكريمة ،من إخراج كفار مكة للنبي صلى الله عليه وسلم منها بينه في غير هذا الموضع ،كقوله تعالى:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوِّى وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُواْ بِمَا جَآءَكُمْ مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ} [ الممتحنة: 1] الآية ،وقوله تعالى{وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ} [ الأنفال: 30] .
وقد أخرجوه فعلاً بمكرهم المذكور ،وبين جل وعلا أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين أخرجوا من ديارهم لا ذنب لهم يستوجبون به الإخراج إلا الإيمان بالله ،كما قال تعالى{الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا اللَّهُ} [ الحج: 40] وقال تعالى{يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُواْ بِاللَّهِ رَبِّكُمْ} [ الممتحنة: 1] أي يخرجون الرسول وإياكم لأجل إيمانكم بربكم .
وقال تعالى في إخراجهم له{أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْماً نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ} [ التوبة: 13] الآية .إلى غير ذلك من الآيات .
وقرأ هذا الحرف عامة السبعة غير ابن كثير بهمزة مفتوحة بعد الكاف وياء مشددة مكسورة ونون ساكنة .
وقرأه ابن كثير وكآئن ،بألف بعد الكاف ،وهمزة مكسورة .
وكلهم عند الوقف يقفون على النون الساكنة ،كحال الصلة ،إلا أبا عمرو فإنه يقف على الياء .
وقدقدمنا أوجه القراءة في كأين ومعناها ،وما فيها من اللغات ،مع بعض الشواهد العربية في سورة الحج في الكلام على قوله تعالى{فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِىَ ظَالِمَةٌ} [ الحج: 45] الآية .