يخبر تعالى عن قدرته على الإنسان بأنه خالقه ، وعمله محيط بجميع أموره حتى إنه تعالى يعلم ما توسوس به نفوس بني آدم من الخير والشر . وقد ثبت في الصحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تقل أو تعمل ".
وقوله:( ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ) يعني:ملائكته تعالى أقرب إلى الإنسان من حبل وريده إليه . ومن تأوله على العلم فإنما فر لئلا يلزم حلول أو اتحاد ، وهما منفيان بالإجماع ، تعالى الله وتقدس ، ولكن اللفظ لا يقتضيه فإنه لم يقل:وأنا أقرب إليه من حبل الوريد ، وإنما قال:( ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ) كما قال في المحتضر:( ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون ) [ الواقعة:85] ، يعني ملائكته . وكما قال [ تعالى]:( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) [ الحجر:9] ، فالملائكة نزلت بالذكر - وهو القرآن - بإذن الله عز وجل . وكذلك الملائكة أقرب إلى الإنسان من حبل وريده إليه بإقدار الله لهم على ذلك ، فللملك لمة في الإنسان كما أن للشيطان لمة وكذلك:"الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم "، كما أخبر بذلك الصادق المصدوق ; ولهذا قال هاهنا: