[ قال]:( فالمقسمات أمرا ) ؟ قال:الملائكة .
وقد روي في ذلك حديث مرفوع ، فقال الحافظ أبو بكر البزار:حدثنا إبراهيم بن هانئ ، حدثنا سعيد بن سلام العطار ، حدثنا أبو بكر بن أبي سبرة ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب قال:جاء صبيغ التميمي إلى عمر بن الخطاب فقال:يا أمير المؤمنين ، أخبرني عن ( الذاريات ذروا ) ؟ فقال:هي الرياح ، ولولا أنى سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوله ما قلته . قال:فأخبرني عن ( المقسمات أمرا ) قال:هي الملائكة ، ولولا أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوله ما قلته . قال:فأخبرني عن ( الجاريات يسرا ) قال:هي السفن ، ولولا أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوله ما قلته . ثم أمر به فضرب مائة ، وجعل في بيت ، فلما برأ [ دعا به و] ضربه مائة أخرى ، وحمله على قتب ، وكتب إلى أبي موسى الأشعري:امنع الناس من مجالسته . فلم يزل كذلك حتى أتى أبا موسى فحلف بالأيمان الغليظة ما يجد في نفسه مما كان يجد شيئا . فكتب في ذلك إلى عمر ، فكتب عمر:ما إخاله إلا صدق ، فخل بينه وبين مجالسة الناس .
قال أبو بكر البزار:فأبو بكر بن أبي سبرة لين ، وسعيد بن سلام ليس من أصحاب الحديث .
قلت:فهذا الحديث ضعيف رفعه ، وأقرب ما فيه أنه موقوف على عمر ، فإن قصة صبيغ بن عسل مشهورة مع عمر ، وإنما ضربه لأنه ظهر له من أمره فيما يسأل تعنت وعناد ، والله أعلم .
وقد ذكر الحافظ ابن عساكر هذه القصة في ترجمة صبيغ مطولة . وهكذا فسرها ابن عباس ، وابن عمر ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، والحسن ، وقتادة ، والسدي ، وغير واحد . ولم يحك ابن جرير وابن أبي حاتم غير ذلك .
وقد قيل:إن المراد بالذاريات:الريح كما تقدم وبالحاملات وقرا:السحاب كما تقدم ; لأنها تحمل الماء ، كما قال زيد بن عمرو بن نفيل:
وأسلمت نفسي لمن أسلمت له المزن تحمل عذبا زلالا
فأما الجاريات يسرا ، فالمشهور عن الجمهور - كما تقدم -:أنها السفن ، تجري ميسرة في الماء جريا سهلا . وقال بعضهم:هي النجوم تجري يسرا في أفلاكها ، ليكون ذلك ترقيا من الأدنى إلى الأعلى ، إلى ما هو أعلى منه ، فالرياح فوقها السحاب ، والنجوم فوق ذلك ، والمقسمات أمرا الملائكة فوق ذلك ، تنزل بأوامر الله الشرعية والكونية . وهذا قسم من الله عز جل على وقوع المعاد ;