ثم قال:( أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات ) أي:أخفتم من استمرار هذا الحكم عليكم من وجوب الصدقة قبل مناجاة الرسول ، ( فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله والله خبير بما تعملون ) فنسخ وجوب ذلك عنهم .
وقد قيل:إنه لم يعمل بهذه الآية قبل نسخها سوى علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه .
قال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال:نهوا عن مناجاة النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى يتصدقوا ، فلم يناجه إلا علي بن أبي طالب ، قدم دينارا صدقة تصدق به ، ثم ناجى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله عن عشر خصال ، ثم أنزلت الرخصة .
وقال ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد ، قال علي ، رضي الله عنه:آية في كتاب الله عز وجل لم يعمل بها أحد قبلي ، ولا يعمل بها أحد بعدي ، كان عندي دينار فصرفته بعشرة دراهم ، فكنت إذا ناجيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تصدقت بدرهم ، فنسخت ولم يعمل بها أحد قبلي ، ولا يعمل بها أحد بعدي ، ثم تلا هذه الآية:( يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ) الآية .
وقال ابن جرير:حدثنا ابن حميد ، حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن عثمان بن المغيرة ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن علي بن علقمة الأنماري ، عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال:قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:"ما ترى ، دينارا ؟ ". قال:لا يطيقون . قال:"نصف دينار ؟ ". قال:لا يطيقون . قال:"ما ترى ؟ "قال:شعيرة ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -:"إنك زهيد قال:قال علي:فبي خفف الله عن هذه الأمة ، وقوله:( يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ) فنزلت:( أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات )
ورواه الترمذي ، عن سفيان بن وكيع ، عن يحيى بن آدم ، عن عبيد الله الأشجعي ، عن سفيان الثوري ، عن عثمان بن المغيرة الثقفي ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن علي بن علقمة الأنماري ، عن علي بن أبي طالب قال:لما نزلت:( يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ) إلى آخرها ، قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -:"ما ترى ، دينارا ؟ "قلت لا يطيقونه . وذكره بتمامه ، مثله ، ثم قال:"هذا حديث حسن غريب ، إنما نعرفه من هذا الوجه ". ثم قال:ومعنى قوله:"شعيرة ":يعني وزن شعيرة من ذهب
ورواه أبو يعلى ، عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن يحيى بن آدم به .
وقال العوفي ، عن ابن عباس في قوله:( يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ) إلى ( فإن الله غفور رحيم ) كان المسلمون يقدمون بين يدي النجوى صدقة ، فلما نزلت الزكاة نسخ هذا .
وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله:( فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ) وذلك أن المسلمين أكثروا المسائل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى شقوا عليه ، فأراد الله أن يخفف عن نبيه ، عليه السلام . فلما قال ذلك صبر كثير من الناس وكفوا عن المسألة ، فأنزل الله بعد هذا:( أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقة فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ) فوسع الله عليهم ولم يضيق .
وقال عكرمة ، والحسن البصري في قوله:( فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ) نسختها الآية التي بعدها ( أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقة ) إلى آخرها .
وقال سعيد بن أبي عروبة عن قتادة ، ومقاتل بن حيان:سأل الناس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أحفوه بالمسألة ، فقطعهم الله بهذه الآية ، فكان الرجل منهم إذا كانت له الحاجة إلى نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فلا يستطيع أن يقضيها حتى يقدم بين يديه صدقة ، فاشتد ذلك عليهم ، فأنزل الله الرخصة بعد ذلك:( فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم )
وقال معمر ، عن قتادة:( إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ) إنها منسوخة:ما كانت إلا ساعة من نهار . وهكذا روى عبد الرزاق:أخبرنا معمر ، عن أيوب ، عن مجاهد قال علي:ما عمل بها أحد غيري حتى نسخت وأحسبه قال:وما كانت إلا ساعة .