وقوله:( إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم ) قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في هذه الآية قال:لما دنا القوم بعضهم من بعض قلل الله المسلمين في أعين المشركين ، وقلل المشركين في أعين المسلمين فقال المشركون:( غر هؤلاء دينهم ) وإنما قالوا ذلك من قلتهم في أعينهم ، فظنوا أنهم سيهزمونهم ، لا يشكون في ذلك ، فقال الله:( ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم )
وقال قتادة:رأوا عصابة من المؤمنين تشددت لأمر الله ، وذكر لنا أن أبا جهل عدو الله لما أشرف على محمد - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه قال:والله لا يعبدوا الله بعد اليوم ، قسوة وعتوا .
وقال ابن جريج في قوله:( إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ) هم قوم كانوا من المنافقين بمكة ، قالوه يوم بدر .
وقال عامر الشعبي:كان ناس من أهل مكة قد تكلموا بالإسلام ، فخرجوا مع المشركين يوم بدر ، فلما رأوا قلة المسلمين قالوا:( غر هؤلاء دينهم )
وقال مجاهد في قوله - عز وجل -:( إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم ) قال:فئة من قريش:[ أبو] قيس بن الوليد بن المغيرة ، وأبو قيس بن الفاكه بن المغيرة ، والحارث بن زمعة بن الأسود بن المطلب ، وعلي بن أمية بن خلف ، والعاص بن منبه بن الحجاج ، خرجوا مع قريش من مكة وهم على الارتياب فحبسهم ارتيابهم ، فلما رأوا قلة أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالوا:( غر هؤلاء دينهم ) حتى قدموا على ما قدموا عليه ، مع قلة عددهم وكثرة عدوهم .
وهكذا قال محمد بن إسحاق بن يسار ، سواء .
وقال ابن جرير:حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن الحسن في هذه الآية ، قال:هم قوم لم يشهدوا القتال يوم بدر ، فسموا منافقين - قال معمر:وقال بعضهم:هم قوم كانوا أقروا بالإسلام ، وهم بمكة فخرجوا مع المشركين يوم بدر ، فلما رأوا قلة المسلمين قالوا:( غر هؤلاء دينهم )
وقوله:( ومن يتوكل على الله ) أي:يعتمد على جنابه ، ( فإن الله عزيز ) أي:لا يضام من التجأ إليه ، فإن الله عزيز منيع الجناب ، عظيم السلطان ، حكيم في أفعاله ، لا يضعها إلا في مواضعها ، فينصر من يستحق النصر ، ويخذل من هو أهل لذلك .