يقول تعالى ذكره:والذي فعل هذه الأفعال بكم ، وأنعم عليكم ، أيها الناس هذه النعم، الذي سخر لكم البحر، وهو كلّ نهر ، ملحا ماؤه أو عذبا(لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا) وهو السمك الذي يصطاد منه.( وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا ) وهو اللؤلؤ والمرجان.
كما حدثني المثنى، قال:أخبرنا إسحاق، قال:أخبرنا هشام، عن عمرو، عن سعيد، عن قتادة، في قوله ( وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا ) قال:منهما جميعا.( وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا ) قال:هذا اللؤلؤ.
حدثنا بشر، قال:ثنا يزيد، قال:ثنا سعيد، عن قتادة ( لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا ) يعني حيتان البحر.
حدثني المثنى، قال:أخبرنا إسحاق، قال:ثنا حماد، عن يحيى، قال:ثنا إسماعيل بن عبد الملك، قال:جاء رجل إلى أبي جعفر، فقال:هل في حليّ النساء صدقة؟ قال:لا هي كما قال الله تعالى ( حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ ) يعني السفن، ( مَوَاخِرَ فِيهِ ) وهي جمع ماخرة.
وقد اختلف أهل التأويل في تأويل قوله ( مَوَاخِرَ ) فقال بعضهم:المواخر:المواقر.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا عمرو بن موسى القزاز، قال:ثنا عبد الوارث، قال:ثنا يونس، عن الحسن، في قوله ( وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ ) قال:المواقر.
وقال آخرون في ذلك ما حدثنا به عبد الرحمن بن الأسود، قال:ثنا محمد بن ربيعة ، عن أبي بكر الأصمّ، عن عكرمة، في قوله ( وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ ) قال:ما أخذ عن يمين السفينة وعن يسارها من الماء، فهو المواخر.
حدثنا ابن وكيع، قال:ثنا أبي، عن أبي مكين، عن عكرمة، في قوله ( وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ ) قال:هي السفينة تقول بالماء هكذا، يعني تشقه.
وقال آخرون فيه ما حدثنا ابن وكيع، قال:ثنا أبو أسامة، عن إسماعيل، عن أبي صالح ( وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ ) قال:تجري فيه متعرّضة.
وقال آخرون فيه، بما حدثني به محمد بن عمرو، قال:ثنا أبو عاصم، قال:ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ ) قال:تمخر السفينة الرياح، ولا تمخر الريح من السفن إلا الفلك العظام.
حدثني الحارث، قال:ثنا الحسن، قال:ثنا ورقاء وحدثني المثنى، قال:أخبرنا أبو حُذيفة، قال:ثنا شبل وحدثني المثنى ، قال:ثنا إسحاق، قال:ثنا عبد الله عن ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد نحوه، غير أن الحارث قال في حديثه:ولا تمخر الرياح من السفن.
حدثنا القاسم، قال:ثنا الحسين، قال:ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، نحوه.
حدثنا يونس، قال:أخبرنا ابن وهب، قال:قال ابن زيد، في قوله (مَوَاخرَ) قال:تمخر الريح.
وقال آخرون فيه، ماحدثنا بشر، قال:ثنا يزيد، قال:ثنا سعيد، عن قتادة ( وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ ) تجري بريح واحدة، مُقبلة ومُدبرة.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال:ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، قال:تجري مقبلة ومدبرة بريح واحدة.
حدثنا المثنى، قال:أخبرنا إسحاق، قال:ثنا يحيى بن سعيد، عن يزيد بن إبراهيم، قال:سمعت الحسن ( وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ ) قال:مقبلة ومدبرة بريح واحدة ، والمخْر في كلام العرب:صوت هبوب الريح ، إذا اشتدّ هبوبها، وهو في هذا الموضع:صوت جري السفينة بالريح إذا عصفت وشقها الماء حينئذ بصدرها، يقال منه:مخرت السفينة تمخر مخرا ومخورا، وهي ماخرة، ويقال:امتخرت الريح وتمخرتها:إذا نظرتَ من أين هبوبها وتسمَّعت صوت هبوبها ، ومنه قول واصل مولى ابن عيينة. كان يقال:إذا أراد أحدكم البول فليتمخر الريح، يريد بذلك:لينظر من أين مجراها وهبوبها ليستدبرها فلا ترجع عليه البول وتردّه عليه.
وقوله ( وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ ) يقول تعالى ذكره:ولتتصرّفوا في طلب معايشكم بالتجارة سخر لكم.
كما حدثني المثنى، قال:ثنا أبو حذيفة، قال:ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ ) قال:تجارة البرّ والبحر.
وقوله ( وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) يقول:ولتشكروا ربكم على ما أنعم به عليكم من ذلك سخر لكم ما سخر من هذه الأشياء التي عدّدها في هذه الآيات.