وقوله ( قَالا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا ) يقول تعالى ذكره:قال موسى وهارون:ربنا إننا نخاف فرعون إن نحن دعوناه إلى ما أمرتنا أن ندعوه إليه، أن يعجل علينا بالعقوبة، وهو من قولهم:فرط مني إلى فلان أمر:إذا سبق منه ذلك إليه، ومنه:فارط القوم، وهو المتعجل المتقدّم أمامهم إلى الماء أو المنـزل كما قال الراجز:
قَدْ فَرَط العِلْجُ عَلَيْنَا وَعَجِلْ (3)
وأما الإفراط:فهو الإسراف والإشطاط والتعدّي ، يقال منه:أفرطت في قولك:إذا أسرف فيه وتعدّى.
وأما التفريط:فإنه التواني ، يقال منه:فرطت في هذا الأمر حتى فات:إذا توانى فيه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال:ثنا أبو عاصم، قال:ثنا عيسى ، وحدثني الحارث، قال:ثنا الحسن، قال:ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا ) قال:عقوبة منه.
حدثنا القاسم، قال:ثنا الحسين، قال:ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
حدثني يونس، قال:أخبرنا ابن وهب، قال:قال ابن زيد، في قوله ( إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى ) قال:نخاف أن يعجل علينا إذ نبلغه كلامك أو أمرك، يفرط ويعجل. وقرألا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى.
---------------
الهوامش:
(3) في ( اللسان:فرط ) عليه يفرط:عجل عليه وعدى وأذاه . وقال الفراء في قوله تعالى:( إننا نخاف أن يفرط علينا ) قال:يعجل إلى عقوبتنا . والعلج:الرجل القوي الضخم . ولم أعرف قائل الرجز .