بعد هذا الأمر الصادع الذي لا مثنوية فيه استجابا ولكن الحذر لا يفتر بقوته ، ولذا قال الله عنهما:{ قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى 45} .
ابتدءا كلامهما بالالتجاء إلى الله الذي فوق كل جبار في الأرض ، ولو كان فرعون ، قائلين{ ربنا} أي الذي خلقنا وربنا ويعرف ما عندنا من قدرة ، وما عنده من طغيان ومدى ما نستطيعه معه ، ومدى مسارعته إلى البشر ، وعدم تردده فيه .
{ إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى} والفرط التقدم بالأذى والمسارعة إليه ، فالفارط المتقدم السباق ، ويقال فرس فارط ، أي سابق الأفراس المسابقة ، وبذلك يعاجلنا بالإهلاك أو الأذى قبل أن نرشده إلى رسالتك بلين القول أو جفائه{ أو أن يطغى} إذا سمع ولم يعجل بالإهلاك فيقول في طغوائه ما لا يليق بمقامه الأعلى ، أو يذهب به جبروته إلى منعنا من الدعوة وتضييق سبلها ، أو ينزل بنا عقابا لا يمكننا من الاستمرار في الدعوة ، وفي الجملة يتبع معنا طرائق طغيانه من تعذيب وإيذاء مستمر ، فطغيانه لا حد له ، كما تعلم: