قال الله تعالى لهما:{ قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى 46} .
خاطبهما الله تعالى بعزته وجلاله مشيرا إلى أنهما في حمايته وكلاءته ، وأنه يسمع ويبصر ، فكيف يكون نهى عن الخوف ، والنهي عن الخوف كيف يكون وهو فزع من الأمر المخوف إذ هو أمر نفسي لا يقع تحت قبضة الخائف ؟ ونقول في الجواب عن ذلك:إن المراد الأمر بالاطمئنان وقرار النفس ، وأن يشعرا بجلال الله تعالى ، وأنه معهما ، ولذلك أعقب سبحانه وتعالى النهي عن الخوف بأنهما في معية الله تعالى فقال:{ إنني معكما أسمع وأرى} أي إنني في صحبتكما أسمع قوله إذا هدد وأنذر ، وأبصر فعله إن حاول سوءا أو أنزل بكما أذى ، وإن هذا تبشير بأنه إن حاول أن يبطش بهما نزلت به البطشة الكبرى من رب العالمين .
ولقد كان من موجبات الفطرة أن يعتريها الخوف ، فقد كان جبارا في الأرض ليس فوقه في قومه من يرد كيده ، ويزيل طغيانه .