القول في تأويل قوله تعالى:قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72)
يقول تعالى ذكره:قالت السحرة لفرعون لما توعدهم بما توعدهم به ( لَنْ نُؤْثِرَكَ ) فنتبعك ونكذب من أجلك موسى ( عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ ) يعني من الحجج والأدلة على حقيقة ما دعاهم إليه موسى ( وَالَّذِي فَطَرَنَا ) يقول:قالوا:لن نؤثرك على الذي جاءنا من البينات، وعلى الذي فطرنا، ويعني بقوله (فَطَرَنا) خلقنا، فالذي من قوله ( وَالَّذِي فَطَرَنَا ) خفض على قوله ( مَا جَاءَنَا ) وقد يحتمل أن يكون قوله ( وَالَّذِي فَطَرَنَا ) خفضا على القسم، فيكون معنى الكلام:لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والله، وقوله ( فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ ) &; 18-341 &; يقول:فاصنع ما أنت صانع، واعمل بنا ما بدا لك ( إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ) يقول:إنما تقدر أن تعذّبنا في هذه الحياة الدنيا التي تفنى، ونصب الحياة الدنيا على الوقت وجعلت إنما حرفا واحدا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال:ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال:حُدثت عن وهب بن منبه ( لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا ) أي على الله على ما جاءنا من الحجج مع بينة ( فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ ) أي اصنع ما بدا لك ( إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ) أي ليس لك سلطان إلا فيها، ثم لا سلطان لك بعده.