( وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ ) يعني:قتله النفس التي قتل من القبط.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو, قال:ثنا أبو عاصم, قال:ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال:ثنا الحسن, قال:ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله:وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ * قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَقال:قتل النفس
حدثنا القاسم, قال:ثنا الحسين, قال:ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, مثله.
وإنما قيل ( وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ ) لأنها مرة واحدة, ولا يجوز كسر الفاء إذا أريد بها هذا المعنى. وذُكر عن الشعبي أنه قرأ ذلك:"وَفَعَلْتَ فِعْلَتَكَ"بكسر الفاء, وهي قراءة لقراءة القرّاء من أهل الأمصار- مخالفة.
وقوله:( وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ ) اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك, فقال بعضهم:معنى ذلك:وأنت من الكافرين بالله على ديننا.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني موسى بن هارون, قال:ثنا عمرو, قال:ثنا أسباط, عن السديّ:( وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ ) يعني على ديننا هذا الذي تعيب.
وقال آخرون:بل معنى ذلك:وأنت من الكافرين نعمتنا عليك.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس, قال:أخبرنا ابن وهب, قال:قال ابن زيد, في قوله:( وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ ) قال:ربيناك فينا وليدا, فهذا الذي كافأتنا أن قتلت منا نفسا, وكفرت نعمتنا!.
حدثني محمد بن سعد, قال:ثني أبي, قال:ثني عمي, قال:ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس:( وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ ) يقول:كافرا للنعمة لأن فرعون لم يكن يعلم ما الكفر.
قال أبو جعفر:وهذا القول الذي قاله ابن زيد أشبه بتأويل الآية, لأن فرعون لم يكن مقرّا لله بالربوبية وإنما كان يزعم أنه هو الرب, فغير جائز أن يقول لموسى إن كان موسى كان عنده على دينه يوم قتل القتيل على ما قاله السديّ:فعلت الفعلة وأنت من الكافرين, الإيمان عنده:هو دينه الذي كان عليه موسى عنده, إلا أن يقول قائل:إنما أراد:وأنت من الكافرين يومئذ يا موسى, على قولك اليوم, فيكون ذلك وجها يتوجه. فتأويل الكلام إذن:وقتلت الذي قتلت منا وأنت من الكافرين نعمتنا عليك, وإحساننا إليك في قتلك إياه.
وقد قيل:معنى ذلك:وأنت الآن من الكافرين لنعمتي عليك, وتربيتي إياك.