وقوله:( لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ) يقول تعالى ذكره:لعلك يا محمد قاتل نفسك ومهلكها إن لم يؤمن قومك بك, ويصدقوك على ما جئتهم به والبخْع:هو القتل والإهلاك في كلام العرب; ومنه قول ذي الرُّمة:
ألا أيُّهَــذَا البــاخعُ الوَجْـدُ نَفْسَـهُ
لشَــيْءٍ نَحَتْـهُ عَـنْ يَدَيْـهِ المَقـادِرُ (1)
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم, قال:ثنا الحسين, قال:ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, قال:قال ابن عباس:( بَاخِعٌ نَفْسَكَ ):قاتل نفسك.
حدثنا الحسن, قال:أخبرنا عبد الرزاق, قال:أخبرنا معمر, عن قتادة, في قوله:( لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ) قال:لعلك من الحرص على إيمانهم مخرج نفسك من جسدك, قال:ذلك البخع.
حدثت عن الحسين, قال:سمعت أبا معاذ يقول:أخبرنا عبيد, قال:سمعت الضحاك يقول في قوله:( لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ ) عليهم حرصا.
وأن من قوله:( أَلا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ) في موضع نصب بباخع, كما يقال:زرت عبد الله أن زارني, وهو جزاء; ولو كان الفعل الذي بعد أن مستقبلا لكان وجه الكلام في "أن "الكسر كما يقال; أزور عبد الله إن يزورني.
------------------
الهوامش:
(1) البيت لذي الرمة، وقد تقدم الاستشهاد به في سورة الكهف (15:194) على أن معنى البخع:القتل، فراجعه ثمة.