وقوله:( وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ ) يقول:واجعل لي في الناس ذكرًا جميلا وثناء حسنا, باقيا فيمن يجيء من القرون بعدي.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم, قال:ثنا الحسين, قال:ثني حجاج, عن أبي بكر, عن عكرمة, قوله:( وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ) قَوْلُهُوَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا. قال:إن الله فضله بالخُلة حين اتخذه خليلا فسأل الله فقال:( وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ ) حتى لا تكذّبني الأمم, فأعطاه الله ذلك, فإن اليهود آمنت بموسى, وكفرت بعيسى, وإن النصارى آمنت بعيسى, وكفرت بمحمد صلى الله عليه وسلم, وكلهم يتولى إبراهيم; قالت اليهود:هو خليل الله وهو منا, فقطع الله ولايتهم منه بعد ما أقرّوا له بالنبوّة وآمنوا به, فقال:مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَثم ألحق ولايته بكم فقال:إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَفهذا أجره الذي عجل له, وهي الحسنة, إذ يقول:وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةًوهو اللسان الصدق الذي سأل ربه.
حدثني يونس, قال:أخبرنا ابن وهب, قال:قال ابن زيد, في قوله:( وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ ) قال:اللسان الصدق:الذكر الصدق, والثناء الصالح, والذكر الصالح في الآخرين من الناس, من الأمم.