القول في تأويل قوله:ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (34)
قال أبو جعفر:يعني بذلك:إن الله اصطفى آلَ إبراهيم وآل عمران "ذريةً بعضها من بعض ".
* * *
ف "الذرية "منصوبة على القطع من "آل إبراهيم وآل عمران "، لأن "الذرية "، نكرة، و "آل عمران "معرفة. (21)
ولو قيل نصبت على تكرير "الاصطفاء "، لكان صوابًا. لأن المعنى:اصطفى ذريةً بعضُها من بعض. (22)
* * *
وإنما جعل "بعضهم من بعض "في الموالاة في الدين، والمؤازرة على الإسلام والحق، كما قال جل ثناؤه:وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ[سورة التوبة:71]، وقال في موضع آخر:الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ[ سورة التوبة:67]، يعني:أنّ دينهم واحدٌ وطريقتهم واحدة، فكذلك قوله:&; 6-328 &; "ذرية بعضها من بعض "، إنما معناه:ذرية دينُ بعضها دينُ بعض، وكلمتهم واحدةٌ، وملتهم واحدة في توحيد الله وطاعته، كما:-
6855 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"ذرية بعضها من بعض "، يقول:في النية والعمل والإخلاص والتوحيد له.
* * *
وقوله:"والله سميعٌ عليمٌ"، يعني بذلك:والله ذُو سمع لقول امرأة عمران، وذو علم بما تضمره في نفسها، إذ نذَرت له ما في بطنها مُحرَّرًا.
--------------------
الهوامش:
(21) انظر ما سلف في معنى"القطع"، وهو الحال ، قريبًا ص:270 ، تعليق:3.
(22) انظر معاني القرآن للفراء 1:207.