القول في تأويل قوله عز ذكره:فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (39)
قال أبو جعفر:يقول جل ثناؤه:"فمن تاب "، من هؤلاء السراق، يقول:من رجع منهم عمَّا يكرهه الله من معصيته إيَّاه، إلى ما يرضاه من طاعته (16) ="من بعد ظلمه "، و "ظلمه "، هو اعتداؤه وعمله ما نهاه الله عنه من سرقة أموال الناس (17) ="وأصلح "، (18) يقول:وأصلح نفسه بحملها على مكروهها في طاعة الله، &; 10-299 &; والتوبة إليه ممَّا كان عليه من معصيته. (19)
وكان مجاهد -فيما ذكر لنا- يقول:توبته في هذا الموضع، الحدُّ الذي يقام عليه.
...............................................................................
...................................... (20)
* * *
11916 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس:"فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح "، فتاب عليه، يقول:الحدُّ. (21)
11917 - حدثنا أبو كريب قال:حدثنا موسى بن داود قال، حدثنا ابن لهيعة، عن حُيَيّ بن عبد الله، عن أبي عبد الرحمن الحُبُلي، عن عبد الله بن عمرو قال:سرقت امرأة حُليًّا، فجاء الذين سرقتهم فقالوا:يا رسول الله، سرقتنا هذه المرأة! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:اقطعوا يدها اليمنى. فقالت المرأة:هل من توبة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:أنتِ اليومَ من خطيئتك كيوم ولدتك أمك! قال:فأنـزل الله جل وعز:"فمن تاب من بعد ظُلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه ". (22)
* * *
وقوله:"فإن الله يتوب عليه "، يقول:فإن الله جل وعز يُرْجعه إلى ما يحبّ ويرضى، عما يكرَه ويسخط من معصيته. (23)
* * *
وقوله:"إن الله غفور رحيم "يقول:إن الله عز ذكره ساترٌ على من تاب وأناب عن معاصيه إلى طاعته ذنوبَه، بالعفو عن عقوبته عليها يوم القيامة، وتركه فضيحتَه بها على رءوس الأشهاد="رحيم "به وبعباده التائبين إليه من ذنوبهم. (24)
-----------------
الهوامش:
(16) انظر تفسير"التوبة"فيما سلف من فهارس اللغة.
(17) انظر تفسير"الظلم"فيما سلف من فهارس الغة.
(18) زدت قوله تعالى:"وأصلح"، ليتم سياق أبي جعفر ، كما جرى عليه في تفسيره ، ولم تكن في المخطوطة ولا المطبوعة.
(19) انظر تفسير"الإصلاح"فيما سلف 9:340 ، تعليق:5 ، والمراجع هناك.
(20) وضعت هذه النقط ، لأني قدرت أن قول مجاهد قد سقط من الناسخ ، أو من أبي جعفر نفسه. وذلك أن الخبر الآتي بعده عن ابن عباس ، لا عن مجاهد.
(21) في المطبوعة:"يقول:فتاب عليه بالحد"، وأثبت ما في المخطوطة ، فهو صواب. يعني أن توبة الله عليه بعد الحد الذي يقام عليه لتوبته.
(22) الأثر:11917-"موسى بن داود الضبي"، ثقة من شيوخ أحمد ، مضى برقم:10190 = و"ابن لهيعة"، مضى مرارًا.
و"حيي بن عبد الله بن شريح المعافري الحبلي المصري". روى له الأربعة ، ثقة. تكلم فيه أحمد وقال:"عنده مناكير". وقال البخاري:"فيه نظر". وقال ابن معين"ليس به بأس"وقال ابن عدي:"أرجو أنه لا بأس به إذا روى عنه ثقة". وذكره ابن حبان في الثقات. مترجم في التهذيب.
و"أبو عبد الرحمن الحبلي"هو"عبد الله بن يزيد المعافري"، تابعي ثقة. مضى برقم:6657 ، 9483.
وهذا الخبر رواه أحمد في مسنده برقم:6657 ، من طريق حسن بن موسى عن ابن لهيعة ، عن حيي ، مطولا مفصلا ، وخرجه أخي السيد أحمد هناك وقال:"إسناده صحيح".
ونقله ابن كثير في تفسيره 3:152 ، ثم نقل رواية أحمد ، ثم قال:"وهذه المرأة ، هي المخزومية التي سرقت ، وحديثها ثابت في الصححين ، من رواية الزهري ، عن عروة ، عن عائشة". ثم انظر فتح الباري (12:76- 86) ، وصحيح مسلم 11:186- 188.
والمرأة التي سرقت هي:"فاطمة بنت الأسود بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم"(ابن سعد 8:192) ، وقد استوفى الحافظ ابن حجر خبرها في شرح هذا الحديث في الفتح.
(23) في المطبوعة:"عما يكرهه...."وأثبت الصواب من المخطوطة.
(24) انظر تفسير"غفور"و"رحيم"فيما سلف من فهارس اللغة.