القول في تأويل قوله تعالى:يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ &; 23-255 &; الْكَاذِبُونَ (18)
يقول تعالى ذكره:هؤلاء الذين ذكرهم هم أصحاب النار، يوم يبعثهم الله جميعًا، فيوم من صلة أصحاب النار. وعُني بقوله:(يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا ) من قبورهم أحياء كهيئاتهم قبل مماتهم، فيحلفون له كما يحلفون لكم كاذبين مبطلين فيها.
كما حدثنا ابن عبد الأعلى، قال:ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله:(فَيَحْلِفُونَ لَهُ ) قال:إن المنافق حلف له يوم القيامة كما حلف لأوليائه في الدنيا.
حدثنا بشر، قال:ثنا يزيد، قال:ثنا سعيد، عن قتادة، في قوله:(يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا ) ... الآية، والله حالف المنافقون ربهم يوم القيامة، كما حالفوا أولياءه في الدنيا.
حدثنا ابن حُمَيد، قال:ثنا مهران، عن سفيان، عن سماك بن حرب البكري، عن سعيد بن جُبَير، قال:كان النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم في ظلّ حجرة قد كاد يَقْلِصُ عنه الظلّ، فقال:"إنَّهُ سيَأتِيكُمْ رَجُلٌ، أو يَطْلُعُ رَجُلٌ بِعَيْنِ شَيْطَانٍ فَلا تُكَلِّمُوهُ"فلم يلبث أن جاء، فاطلع فإذا رجل أزرق، فقال له:"عَلام تَشْتُمُنِي أَنْت وَفُلانٌ وَفُلانٌ "؟ قال:فذهب فدعا أصحابه، فحلفوا ما فعلوا، فنـزلت:(يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ ) .
وقوله:(وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ ) يقول:ويظنون أنهم في أيمانهم وحلفهم بالله كاذبين على شيء من الحقّ، (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ ) فيما يحلفون عليه.