ثم قال:( يوم يبعثهم الله جميعا ) أي:يحشرهم يوم القيامة عن آخرهم فلا يغادر منهم أحدا ، ( فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء ) أي:يحلفون بالله عز وجل ، أنهم كانوا على الهدى والاستقامة ، كما كانوا يحلفون للناس في الدنيا ; لأن من عاش على شيء مات عليه وبعث عليه ، ويعتقدون أن ذلك ينفعهم عند الله كما كان ينفعهم عند الناس ، فيجرون عليهم الأحكام الظاهرة ; ولهذا قال:( ويحسبون أنهم على شيء ) أي:حلفهم ذلك لربهم ، عز وجل .
ثم قال منكرا عليهم حسبانهم ( ألا إنهم هم الكاذبون ) فأكد الخبر عنهم بالكذب .
وقال ابن أبي حاتم:حدثنا أبي ، حدثنا ابن نفيل ، حدثنا زهير عن سماك بن حرب ، حدثني سعيد بن جبير ; أن ابن عباس حدثه:أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في ظل حجرة من حجره ، وعنده نفر من المسلمين قد كان يقلص عنهم الظل ، قال:"إنه سيأتيكم إنسان ينظر بعيني شيطان ، فإذا أتاكم فلا تكلموه ". فجاء رجل أزرق ، فدعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكلمه ، فقال ; "علام تشتمني أنت وفلان وفلان ؟ "- نفر دعاهم بأسمائهم - قال:فانطلق الرجل فدعاهم ، فحلفوا له واعتذروا إليه ، قال فأنزل الله ، عز وجل:( فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون )
وهكذا رواه الإمام أحمد من طريقين ، عن سماك به ورواه ابن جرير ، عن محمد بن المثنى ، عن غندر ، عن شعبة ، عن سماك ، به نحوه ، وأخرجه أيضا من حديث سفيان الثوري ، عن سماك بنحوه . إسناد جيد ولم يخرجوه .
وحال هؤلاء كما أخبر الله تعالى عن المشركين حيث يقول:( ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين انظر كيف كذبوا على أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون ) [ الأنعام:23 ، 24]