وقوله:( كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا ) يقول جلّ ثناؤه:كأن هؤلاء المكذّبين بالساعة، يوم يرون أن الساعة قد قامت من عظيم هولها، لم يلبثوا في الدنيا إلا عشية يوم، أو ضحى تلك العشية، والعرب تقول:آتيك العشية أو غَدَاتَها، وآتيك الغداةَ أو عشيتها، فيجعلون معنى الغداة بمعنى أوّل النهار، والعشية:آخر النهار فكذلك قوله:( إِلا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا ) إنما معناه إلا آخر يوم أو أوّله، وينشد هذا البيت:
نَحْـنُ صَبَحْنـا عـامِرًا فِـي دَارِهـا
عَشِـــيَّةَ الهِـــلالِ أوْ سِــرَارِها (4)
يعني:عشية الهلال، أو عشية سرار العشية.
حدثنا بشر، قال:ثنا يزيد قال:ثنا سعيد عن قتادة، قوله:( كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا ) وقت الدنيا في أعين القوم حين عاينوا الآخرة.
آخر تفسير سورة النازعات.
------------------------
الهوامش:
(4) البيت لبعض بني عقيل ، أنشده الفراء في معاني القرآن ( 357 ) عند قوله تعالى:{ إلا عشية أو ضحاها} ، يقول القائل وهل للعشي ضحى ؟ ، إنما الضحى لصدر النهار ، فهذا بين ظاهر من كلام العرب ، أن يقولوا:آتيك العشية أو غذاتها ، أو آتيك الغداة أو عشيتها ؛ تكون العشية في معنى:آخر ، والغداة في معنى:أول ، أنشدني بعض بني عقيل:"نحن صبحنا ... "البيت . أراد:عشية الهلال ، أو عشية سرار العشية ، فهذا أشذ من آتيك الغداة أو عشيتها . ا هـ .